للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغضى (١) له عنه، [فلم يجبه السلطان تقي الدِّين عمر إِلى ذلك، فبعث صاحب الروم] (٢) عشرين ألف مقاتل يحصرونه، فأرسل السلطان تقيَّ الدين عمر في ثمانمائة فارس، منهم سيف الدين علي بن أحمد المشطوب (٣)، فالتقوا بهم، فهزموهم (٤) بإِذن (٥) الله تعالى. واستقرت يد الملك (٦) صلاح الدين على حصن رعبان، وقد كان مما عُوض به ابن المقدم (٧) عن بعلبك. وكان تقي الدين عمر يفتخر بهذه الوقعة، ويرى أنه قد هزم عشرين ألفًا، وقيل: ثلاثين ألفًا، بثمان مئة فارس. وكان السبب في ذلك أنه بيَّتَهم وأغار عليهم، وهم غارون، فما لبثوا أمامه، بل فروا منهزمين عن آخرهم فأكثر فيهم القتل، واستحوذ على جميع ما تركوه في خيامهم، ويقال: إِنه أصابهم (٨) يوم كسر السلطان الفرنج بمرج عيون، والله أعلم.

تخريب حصن بيت (٩) الأحزان (١٠) قريب من صفد

ثم ركب السلطان في جحافله إِلى الحصن الذي كانت الفرنج قد بنوه في العام الماضي وحفروا فيه بئرًا، وجعلوه لهم عينًا، وسلموه إِلى الداوية، فقصده السلطان، فحاصره، ونقبه من جميع جهاته، وألقى فيه النيران، فجعله دكًا، وخرّبه إِلى الأساس، وغنم ما فيه (١١) من الحواصل، فكان فيه مئة ألف قطعة من السلاح، ومن المأكل شيء كثير، وأخذ منه سبعمائة أسير، فقتل بعضًا، وأرسل إِلى دمشق الباقين (١٢)، ثم عاد إِلى دمشق مؤيدًا منصورًا، غير أنه مات من أمرائه عشرة، بسبب ما نالهم من الحر والوجاء في مدة الحصار، وكانت أربعة عشر (١٣) يومًا، وعاد الناس إِلى زيارة مشهد يعقوب على العادة القديمة (١٤).


(١) ط: عصى، وفي الروضتين (٢/ ١٩): وإِن الملك الصالح ولده قد أنعم عليه به ورضي بعوده إِليه.
(٢) ليس في ب.
(٣) سترد ترجمته في حوادث سنة ٥٨٨ من هذا الجزء.
(٤) أ: فهزمهم.
(٥) ليس في أ.
(٦) ليس في ط.
(٧) سترد ترجمته في حوادث سنة ٥٨٣ من هذا الجزء.
(٨) ط: كسرهم.
(٩) عن ب وحدها.
(١٠) بيت الأحزان: بلد بين دمشق والساحل، سمي بذلك لأنهم زعموا أنه كان يسكنه يعقوب أيام فراقه ليوسف . وكان الأفرنج عمّروه وبنوا به حصنًا حصينًا، ففتحه صلاح الدين وأخربه. معجم البلدان.
(١١) ط: وغنم جميع ما فيه.
(١٢) ط: الباقي.
(١٣) أ: (وعشرين) وفوقها حرف طاء إِشارة إِلى خطأ الرواية.
(١٤) ط: ثم إِن الناس زاروا مشهد يعقوب على عادتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>