للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال الإمام أحمد (١): حدثنا عبد الله بن الحارث -من أهل مكة مخزوميٌّ- حدثني محمد بن عبد الله بن إنسان -وأثنى عليه خيرًا- عن أبيه، عن عروة بن الزبير، [عن أبيه] قال: أقبلنا مع رسول الله من لِيَّة حتى إذا كنا عند السِّدرة وقف رسول الله في طرف القرن الأسود حذوها، فاستقبل نخِبًا ببصره، يعني واديًا، ووقف حتى اتَّقف الناس كلُّهم، ثم قال: "إن صيد وجٍّ وعضاهه حرمٌ محرَّمٌ لله". وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره ثقيفًا.

وقد رواه أبو داود (٢) من حديث محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفيِّ، وقد ذكره ابن حبان في "ثقاته" (٣). وقال ابن معينٍ (٤): ليس به بأسٌ. تكلَّم فيه بعضهم، وقد ضعَّف أحمد والبخاريُّ وغيرهما هذا الحديث (٥)، وصحَّحه الشافعيُّ وقال بمقتضاه، والله أعلم.

* * *

ذكر موت عبد الله بن أُبيٍّ قبَّحه الله

قال محمد بن إسحاق (٦): حدَّثني الزُّهْري عن عروة، عن أسامة بن زيدٍ، ، قال: دخل رسول الله على عبد الله بن أُبيٍّ يعوده في مرضه الذي مات فيه، فلما عرف فيه الموت قال رسول الله : "أما والله إن كنت لأنهاكَ عن حبِّ يهود". فقال: قد أبغضهم أسعد بن زرارة، فمَه؟

وقال الواقديُّ (٧)، مرض عبد الله بن أُبيٍّ في ليالٍ بقين من شوالٍ، ومات في ذي القعدة، وكان مرضه عشرين ليلةً، فكان رسول الله يعوده فيها، فلما كان اليوم الذي مات فيه دخل عليه رسول الله وهو يجود بنفسه، فقال: "قد نهيتك عن حبِّ يهود". فقال: قد أبغضهم أسعد بن زرارة، فما نفعه؟ ثم قال: يا رسول الله، ليس هذا بحِين عتابٍ! هو الموت، [فإن متُّ] فاحضُر غُسلي، وأعطني قميصك الذي يلي جلدك فكفِّنِّي فيه، وصلِّ عليَّ واستغفر لي. ففعل ذلك به رسول الله . وروى


(١) رواه أحمد في "المسند" (١/ ١٦٥)، وإسناده ضعيف.
(٢) رواه أبو داود رقم (٢٠٢٣)، وإسناده ضعيف.
(٣) انظر "الثقات" (٩/ ٣٣).
(٤) انظر "الجرح والتعديل" (٧/ ٢٩٤).
(٥) انظر "التاريخ الكبير" (١/ ١٤٠) و"ميزان الاعتدال" (٢/ ٣٩٣).
(٦) انظر "دلائل النبوة" للبيهقي (٥/ ٢٨٥).
(٧) انظر "المغازي" (٣/ ١٠٥٧).