للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البيهقيُّ (١) من حديث سالم بن عجلان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ نحوًا مما ذكره الواقديُّ، فالله أعلم.

وقد قال إسحاق بن راهويه (٢): قلت لأبي أسامة: أحدثَّكم عبيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عمر قال: لما توفِّي عبد الله بن أُبيِّ بن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله ، فسأله أن يعطيَه قميصه ليكفِّنه فيه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلِّي عليه، فقام رسول الله يصلِّي عليه، فقام عمر بن الخطاب فأخذ بثوبه فقال: يا رسول الله، تصلِّي عليه وقد نهاك الله عنه؟! فقال رسول الله : "إن ربي خيَّرني فقال: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠]. وسأزيد على السبعين". فقال: إنه منافق أتصلِّي عليه؟! فأنزل الله، ﷿: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التوبة: ٨٤] فأقرَّ به أبو أسامة، وقال: نعم.

وأخرجاه في "الصحيحين" (٣) من حديث أبي أسامة.

وفي رواية للبخاريِّ وغيره (٤): قال عمر، : فقلت: يا رسول الله، تصلِّي عليه وقد قال في يوم كذا: كذا وكذا، وقال في يوم كذا: كذا وكذا؟! فقال: "دعني يا عمر، فإني بين خيرتين، ولو أعلم أني إن زدت على السبعين غُفر له لزدت". ثم صلَّى عليه، فأنزل الله ﷿: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ … ﴾ الآية. قال عمر: فعجبت بعدُ من جرأتي على رسول الله ، والله ورسوله أعلم.

وقال سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينارٍ، سمع جابر بن عبد الله، ، يقول: أتى رسول الله قبر عبد الله بن أبيٍّ بعدما أدخل حفرته، فأمر به فأخرج، فوضعه على ركبتيه -أو فخذيه- ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه. فالله أعلم.

وفي "صحيح البخاريِّ" (٥) بهذا الإسناد مثله، وعنده أنه إنما ألبسه قميصه مكافأةً لما كان كسا العباس، ، قميصًا حين قدم المدينة، فلم يجدوا قميصًا يصلح له إلا قميص عبد الله بن أُبيٍّ. وقد ذكر البيهقيُّ ها هنا قصة ثعلبة بن حاطب، وكيف افتتن بكثرة المال، ومنعه الصدقة، وقد حرَّرنا ذلك في "التفسير" (٦) عند قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ … ﴾ الآية [التوبة: ٧٥].


(١) في "دلائل النبوة" (٥/ ٢٨٨).
(٢) انظر "دلائل النبوة" (٥/ ٢٨٧).
(٣) رواه البخاري رقم (٤٦٧٠) ومسلم رقم (٢٧٧٤).
(٤) رواه البخاري رقم (٤٦٧١) وأحمد في "المسند" (١/ ١٦).
(٥) رقم (١٣٥٠) و (٣٠٠٨).
(٦) انظر "تفسير القرآن العظيم" للمؤلف (٤/ ١٢٤).