كتاب البداية والنهاية - ط دار ابن كثير

ثم دخلت سنة تسع وستين - وممن توفي فيها من الأعيان أيضا - ج: 9 - ص: 77

وحلف له بالأيمان المؤكدة أنك ولي عهدي من بعدي، وكتبا بينهما كتابًا، فانخدع له عمرو وفتح له أبواب دمشق فدخلها عبد الملك وكان من أمرهما ما تقدم] (١).

وممن توفي فيها من الأعيان أيضًا:

أبو الأسود الدؤلي (٢) ويقال له الديلي: قاضي الكوفة، تابعي جليل، واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثة (٣) بن عدي بن الدُّئل بن بكر، أبو الأسود الذي نسب إليه علم النحو، ويقال بأنه أول من تكلم فيه، وإنما أخذه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقد اختلف في اسمه على أقوال، أشهرها أن اسمه ظالم بن عمرو، وقيل عكسه.

وقال الواقدي: اسمه عويمر بن ظويلم. قال وقد أسلم في حياة النبي ﷺ ولم يره، وشهد الجمل مع علي، وكان من وجوه شيعته ومن أكملهم رأيًا وعقلًا، وقد أموه علي بوضع النحو، فلما رآه علي قال له: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت (٤). وهلك في ولاية عبيد اللَّه بن زياد.

وقال يحيى بن معين وأحمد بن عبد اللَّه العجلي: كان ثقة وهو أول من تكلَّم في النحو.

وقال ابن معين وغيره: مات بالطاعون الجارف سنة تسع وستين.

قال القاضي ابن خلِّكان (٥): وقيل إنه توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقد كان ابتداؤها في سنة تسع وتسعين.

قلت: وهذا غريب جدًا.

قال ابن خلِّكان وغيره: كان أول من ألقى إليه علم النحو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وذكر له أن الكلام اسم وفعل وحرف، ثم إن أبا الأسود نحى نحوه وفرع على قوله، وسلك طريقه، فسمي هذا العلم النحو لذلك، وكان الباعث لأبي الأسود على بسط ذلك تغير لغة الناس، ودخول اللحن في كلام بعضهم أيام ولاية زياد على العراق، وكان أبو الأسود مؤدب بنيه، فإنه جاء رجل يومًا إلى زياد فقال: توفي أبانا وترك بنون، فأمره زياد أن يضع للناس شيئًا يهتدون به إلى معرفة كلام العرب.

---

(١) ما بين معكوفين زيادة من ط.
(٢) ترجمة - أبي الأسود - في طبقات ابن سعد (٧/ ٩٩) وتاريخ البخاري (٦/ ٣٣٤) والمعارف (٤٣٤) ومراتب النحويين (١١) والأغاني (١٢/ ٢٩٧) وأخبار النحويين البصريين (٣) ومعجم الشعراء للمرزباني (٦٧) ومعجم الأدباء (١٢/ ٣٤) وأسد الغابة (٣/ ٦٩) ووفيات الأعيان (٢/ ٥٣٥) وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ - ٨٠/ ص ٢٧٦ - ٢٨٠) وسير أعلام النبلاء (٤/ ٨١ - ٨٦) والإصابة (٢/ ٢٤١) وخزانة الأدب (١/ ١٣٦) وشذرات الذهب (١/ ٢٩٧ - ٢٩٨).
(٣) انظر "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم صفحة (١٨٥) في الأصل: شباثة، وهو خطأ.
(٤) من قوله: مع علي. . إلى هنا ساقط من ط.
(٥) وفيات الأعيان (٢/ ٥٣٩).