للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة خمس وأربعين ومئتين]

فيها: أمر المتوكّلُ ببناء مدينة الماحُوزَة وحفر نهرٍ لها، فيقال: إنه أنفق على بنائها وبناء قصر الخلافة فيها الذي يقال له: "اللؤلؤة" ألفي ألف دينار.

وفي هذه السنة وقعت زلازل كثيرة ببلاد شتّى؛ فمن ذلك بمدينة أنطاكية، سقط فيها ألف وخمسمئة دار، وانهدَمَ من سورها نيّفٌ وتسعون بُرْجًا، وسُمعت من كُوى دورها أصواتٌ مزعجة جدًّا، فخرجوا من منازلهم سراعًا يهرعون، وسقط الجبل الذي إلى جانبها الذي يقال له "الأقرع"، فساخ في البحر، فهاجَ البحرُ عند ذلك، وارتفع منه دخان أسود مظلم منتن، وغار نهر على فرسخ منها، فلا يُدْرَى أين ذهب بالكلية.

أورده الإمام أبو جعفر (١) بن جرير.

قال (٢): وسمُع بتِنيِّس صيحة دائمة طويلة، مات منها خلق كثير.

قال (٣): وزلزلت فيها السِّن (٤) والرَّقَّة وحَرَّان ورأسُ العين وحمص ودمشق والرُّها وطَرَسُوس والمصِّيصة وأذنة وسواحل الشام، ورجفت اللاذقية، فما بقي منها منزل، ولا بقي من أهلها إلا اليَسير، وذهبت جَبَلَة بأهلها.

وفيها: غارت مُشاش -عين مكة- حتَّى بلغ ثمن القربة بمكّة درهمًا (٥)، حتى بعث المتوكّلُ فانفقَ عليها.

قال (٦): وفيها مات إسحاق بن أبي إسرائيل (٧)، وسوّار بن عبد اللَّه القاضى (٨)، وهلال الرَّأْي (٩).


(١) تاريخ الطبري (٩/ ٢١٢ - ٢١٣).
(٢) تاريخ الطبري (٩/ ٢١٣) وفيه: وسمع فيها -كما قيل- أهل تِنيِّس ضخة. . .
(٣) تاريخ الطبري (٩/ ٢١٣).
(٤) في الطبري: بالس، وهي بلد بالشام بين حلب والرقة. أما السِّنُّ فاسم لعدد من الأماكن، منها قلعة بالجزيرة قرب سميساط، وتعرف بسن ابن عُطَير. ياقوت.
(٥) في تاريخ الطبري: ثمانين درهما، فبعثت أم المتوكل فأنفقت عليها.
(٦) تاريخ الطبري (٩/ ٢١٣).
(٧) من كبار المحدّثين، سمع حمّاد بن زيد وطبقته. أعرضوا عن الأخذ عنه، لأنه أظهر الوقف في مسألة القرآن، فقال: القرآن كلام اللَّه، ووقف. مات ببغداد وله خمس وتسعون سنة. سير أعلام النبلاء (١١/ ٤٧٦)، والعبر (١/ ٤٤٤).
(٨) سوّار بن عبد اللَّه بن سوّار بن قُدامة، أبو عبد اللَّه التميمي العنبري البصريّ، قاضي الرّصافة ببغداد، وهو من بيت العلم والقضاء، كان جدّه قاضي البصرة. وكان من فحول الشعراء، فصيحًا مفوّهًا سير أعلام النبلاء (١١/ ٥٤٣) والعبر (١/ ٤٤٤).
(٩) تحرفت في المطبوع والطبري وابن الأثير إلى: الرازي، وهو هلال بن يحيى بن مسلم البصري. فقيه من أعيان الحنفية، من أهل البصرة. لقب بالرأي؛ لسعة علمه وكثره أخذه بالقياس، له عدة مصنفات. الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٢٠٧)، والأعلام (٨/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>