للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن (١) لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجزَّ ناصيته، فحلق أبرهة رأسَة وملأ جُرابًا من تراب اليمن ثم بعث به إلى النجاشي، ثم كتب إليه: أيها الملك إنما كان أرياط عبدك وأنا عبدُك، فاختلفنا في أمرك، وكلٌّ طاعتُه لك، إلا أني كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط لها وأسوس منه. وقد حَلَقْتُ رأسي كله حين بلغني قسمُ الملك، وبعثت إليه بجراب تراب (٢) من أرضي ليضعه تحت قدميه (٣) فيبرَّ قسمه فيّ. فلما انتهى ذلك إلى النجاشي رضي عنه وكتب إليه أن اثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري، فأقام أبرهة باليمن (٤).

* * *

ذكر سَبب قصد أبرهة بالفيل مكّة ليخرب الكعبة فأهلكه الله عاجلًا غير آجل، كما قال (٥): ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)[الفيل: ١ - ٥].

قيل: أول من ذلَّل الفِيَلة إفريدون بن أثفيان (٦) الذي قَتَل الضحّاك، قاله الطبري (٧). وهو أول من اتخذ للخيل السرج. وأما أول من سخَّر الخيل وركبها فطهمورث (٨) وهو الملك الثالث من ملوك الدنيا. ويقال: إن أول من ركبها إسماعيل بن إبراهيم ، ويحتمل أنه أول من ركبها من العرب. والله تعالى أعلم.

ويقال: إن الفيل مع عظمة خلقه يَفْرَقُ (٩) من الهر. وقد احتال بعض أمراء الحروب في قتال


(١) ليست في ط.
(٢) كذا في ب وط. وهو موافق للسيرة. وفي أ: من تراب اليمن من أرضي.
(٣) في ط: قدمه.
(٤) زاد في ب: وحكى السهيلي أن النجاشي بعث أرياط بعد أبرهة شفقًا عليه ينصره في طاعته، فخالفه أبرهة وامتنع أن يسلم اليمن إليه، فاقتتلا، فلما قتل عتودة أرياط قال له أبرهة: تَمَنَّ عليَّ. قال: أريد أن لا تُزفَّ امرأة بكر في اليمن أو غيرها إلا جيء بها إلي قبله فأقضي وطري منها، ثم أردها إليه. فأجابه إلى ذلك. فلما طال على أهل اليمن ذلك قتلوا عتودة غيلة، فلم يعنفهم أبرهة، ولم يطلبهم بدمه.
(٥) الذي في ط: سبب قصد أبرهة بالفيل مكة ليخرب الكعبة. ألم تر ..
(٦) ليست في ب.
(٧) تاريخه (١/ ٢١٤)، وخبر قتل الضحاك ثمة.
(٨) تاريخ الطبري (١/ ١٧٢).
(٩) في ب: عظم خلقه يهرب. والفَرَق: الخوف والفزع.