للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وقد كان عبد الرحمن هذا جليلًا نبيلًا كبيرَ القدر، وكان أحدَ النَّفَر الأرْبَعة الذين ندبهم عثمان بن عفان في كتابة المصاحف الأئمة (١) التي نفذها إلى الآفاق، ووقع على ما فعله الإجماع والاتفاق.

ذِكْرُ طَوافِهِ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَة

روى مسلم في "صحيحه" (٢) عن جابر في حديثه الطويل المتقدّم، بعد ذكره طوافه، ، بالبيت سبعًا وصلاته عند المقام ركعتين. قال: ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلمّا دنا من الصفا قرأ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨] أبدأ بما بدأ اللَّه به. فبدأ بالصفا، فَرَقيَ عليه حتى رأى (٣) البيت، فاستقبل القبلة، فوحَّد اللَّه وكبّره وقال: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا اللَّه [وحده] (٤) أنْجَزَ وَعْدَه (ونَصَرَ عَبْدَه) (٥) وهَزَمَ الأحْزابَ وَحْدَه. ثم دعا بين ذلك، فقال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل حتى إذا انصبت (٦) قدماه في الوادي رَمَلَ حتّى إذا صعِد مشى حتى أتى المروة فرقيَ عليها حتى نظر إلى البيت، فقال عليها كما قال على الصفا.

وقال الإمام أحمد (٧): حدّثنا عمر بن هارون البلخي أبو حفص، حدّثنا ابن جُرَيْج، عن بعض بني يَعْلى بن أمية، عن أبيه، قال:

رأيتُ النبيَّ مضطبعًا بين الصَّفا والمَرْوة ببُرْدٍ له نَجْرانيّ.

وقال الإمام أحمد (٨): حدّثنا يونس، حدّثنا عبد اللَّه بن المُؤَمّل، عن عمر بن عبد الرحمن، حدّثنا عطاء (٩)، عن حبيبة بنت أبي تَجْراه (١٠)، قالت:


(١) ليس اللفظ في أ.
(٢) صحيح مسلم رقم (١٢١٨) (١٤٧).
(٣) أ: (رأيت) وهو تحريف.
(٤) زيادة عن الصحيح.
(٥) ليس ما بين القوسين في أ.
(٦) أ: (نَفَستْ).
(٧) مسند الإمام أحمد (٤/ ٢٢٣)، حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف جدًا، فإن عمر بن هارون البلخي متروك (بشار).
(٨) مسند الإمام أحمد (٦/ ٤٢١)، وهو حديث حسن بطرقه وشاهده، وإسناده ضعيف لضعف عبد اللَّه بن المؤمل واضطرابه فيه.
(٩) أ، ط: (عطية عن حبيبة) وما أثبته عن المسند.
(١٠) ط: (تجزأة) وهو تحريف. فقد ذكرها ابن حجر في الإصابة (٤/ ٢١٩) وروى حديثها المذكور أعلاه وهي بفتح التاء في الإصابة وكسرها في الاستيعاب وأسد الغابة (٤/ ١٨٠٦)، وضمها في "القاموس".