للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحمد بن المُنْكَدِر.

والله سبحانه أعلم.

[ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومئة]

في المحرَّمِ منها وجَّهَ قَحْطَبَةُ بن شَبِيب ولدَهُ الحسن إلى قُومِسَ لِقِتالِ نصرِ بنِ سيَّار، وأردَفَهُ بالأمْداد، فخامَرَ بعضُهم إلى نصر، وارتحل نصرٌ فنَزلَ الرَّيّ، فأقام بها يومين، ثم مَرِضَ فسار منها إلى هَمَذَان، فلمَّا كان بسَاوَة (١)، قريبًا من هَمَذان، تُوفِّيَ لمُضِيِّ ثنتَيْ عشرةَ ليلةً خلَتْ من ربيعِ الأول من هذه السنة، عن خمسٍ وثمانينَ سنة. فلَّما ماتَ نصرٌ تمكَّنَ أبو مسلمٍ وأصحابُه من بلادِ خُراسان، وقَوِيَتْ شَوْكتُهم جدًّا، وسار قحطبةُ من جُرْجَان، وقَدِمَ أمامَهُ زيادُ بن زُرارَةَ القُشَيري، وكان قد نَدِم على اتباعِ أبي مسلم، فترك الجيش وأخذَ جماعةً معه، وسلك طريقَ أصبَهَان ليأتِيَ ابنَ ضُبَارَة، فبعثَ قحطبةُ وراءَهُ جيشًا، فقتلوا عامَّةَ أصحابِه، وأقبل قحطبةُ ورَاءَهُ، فقَدِمَ قُومِسَ وقد افتتحها ابنُهُ الحسن، فأقام بها وبعث ابنَهُ بين يديه إلى الرَّي، ثم ساق وراءَهُ فوجدَهُ قد افتتحها، فأقام بها. وكتبَ إلى أبي مسلم بذلك، وارتحلَ أبو مسلمٍ من مَرْوَ، فنَزل نَيْسابور، واستفحل أمرُه، وبعث قحطبةُ بعدَ دخولهِ الرَّي ابنَهُ الحسن بين يديه إلى هَمَذان، فلما اقتربَ منها خرجَ منها مالكُ بن أدهم وجماعةٌ من أجنادِ الشام وخُراسان، فنَزلوا نَهَاوَنْد، فافتتح الحسنُ هَمَذان، ثم سار وراءَهُم إلى نَهَاوَنْد، وبعث إليه أبوهُ بالأمداد، فحاصرَهم حتى افتتحَها.

وفي هذه السنة مات عامرُ بن ضُبَارة، وكان سببُ ذلك أنَّ ابنَ هُبَيرةَ كتب إليهِ أنْ يسيرَ إلى قحطبةَ وأمَدَّهُ بالعساكر، فسار ابنُ ضُبَارةَ حتى التقى مع قحطبة، وابنُ ضُبَارةَ في مئةٍ وخمسين ألفًا، وكان يقالُ له عسكر العساكر، وقحطبة في عشرين ألفًا، فلما تواجَهَ الفريقان رفَعَ قحطبةُ وأصحابُهُ المصاحفَ ونادى المنادي: يا أهلَ الشام إنَّا ندعوكم إلى ما في هذا المصحف، فشَتَموا المنادِيَ وشتموا قحطبة، فأمر قحطبةُ أصحابَهُ أنْ يحمِلوا عليهم، فلم يكنْ بينَهم كبيرُ قتال حتى انهزم أصحابُ ابنِ ضُبَارَة، واتَّبعهم أصحابُ قحطبةَ فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، وقتلوا ابنَ ضُبَارةَ في العسكر [لشجاعَتِه، فإنَّه لم يُوَلِّ] (٢) وأخذوا منْ عسكرِهم ما لا يُحدُّ ولا يُوصَف.


(١) سَاوَهْ: بعد الألف واو مفتوحة، بعدَها هاءٌ ساكنة: مدينةٌ حسنةٌ بين الرَّيِّ وهَمَذان، في وَسَط، بينها وبين كلِّ واحدٍ من همذان والري ثلاثون فرسخًا، وكان بها دارُ كتب، لم يكن في الدنيا أعظمُ منها، بلغني أنهم أحرقوها، اهـ معجم البلدان (٣/ ١٧٩).
(٢) ما بين معقوفين ليس في الأصول، وهو مثبت هكذا بين الحاصرتين في (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>