للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد توفِّي رسول الله في ربيع الأول من سنة إحدى عشرة، بلا خلاف أيضًا.

وهكذا الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطَّبرانيُّ (١)، : ثنا إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعيُّ، ثنا أبي، ثنا جعفر بن عون، عن أبي العُمَيس، عن أبي بكر بن أبي الجهم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: آخر سورة نزلت من القرآن جميعًا: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ وفيه نكارة أيضًا، وفي إسناده نظر أيضًا، ويحتمل أن يكون أنها آخر سورة نزلت جميعها كما قال، والله أعلم.

وقد تكلَّمنا على تفسير هذه السورة الكريمة بما فيه كفاية (٢)، ولله الحمد والمنَّة.

وقال البخاريُّ (٣): ثنا سليمان بن حرب، ثنا حمَّاد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قِلَابة، عن عمرو بن سلِمة - قال لي أبو قِلَابة: ألا تلقاه فتسأله فلقيته فسألته - قال: كنا بماء ممرَّ الناس، وكان يمرُّ بنا الرُّكبان فنسألهم ما للناس ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله وأوحى إليه كذا. فكنت أحفظ ذاك الكلام، فكأنما يَغرى في صدري، وكانت العرب تلوَّم بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبيٌّ صادق. فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كلُّ قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم. فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي حقًا، قال: "صلُّوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذِّن أحدكم، وليؤمَّكم أكثرُكم قرآنًا". فنظروا فلم يكن أحد أكثرَ قرآنًا مني؟ لما كنت أتلقَّى من الرُّكبان، فقدَّموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة إذا سجدت تقلَّصت عنِّي. فقالت امرأة من الحيِّ: ألا تغطُون عنا استَ قارئكم؟ فاشتروا، فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص، تفرَّد به البخاريُّ دون مسلم.

* * *

غزوة هَوَازن يوم حُنَينٍ

قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى


(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٠/ ٣٦٩).
(٢) انظر "تفسير القرآن العظيم" للمؤلف (٨/ ٥٢٩).
(٣) في "صحيحه" رقم (٤٣٠٢).