للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وستمئة]

فيها (١): كمل بناء المدرسة المستنصرية ببغداد (٢) ولم تُبن (٣) مدرسةٌ قبلَها مثلها، ووُقفت على المذاهب الأربعة من كل طائفة اثنان وستون فقيهًا، وأربعة معيدين، ومدرِّسٌ لكل مَذْهب، وشيخُ حديثٍ وقارئان وعشرةُ مستمعين (٤)، وشيخُ طبٍّ، وعشرةٌ من المسلمين يشتغلون بعلم (٥) الطب، ومكتبٌ للأيتام وقدر (٦) للجميع من الخبز واللحم والحلوى (٧) والنفقة ما فيه كفاية وافرة لكل واحد، ولما كان يوم الخميس خامس رجب حُضِرت الدروس (٨) بها وحضر الخليفةُ المستنصرُ بالله بنفسه الكريمة وأهلُ دولته من الأمراء والوزراء والقضاة والفقهاء والصوفية والشعراء، ولم يتخلف أحد من هؤلاء، وعُمل سماطٌ عظيمٌ بها أكل منه الحاضرون، وحُمل منه إِلى سائر دور (٩) بغداد من بيوتات الخواص والعوام، وخُلِعَ على جميع المدرسين بها والحاضرين فيها، وعلى جميع رجال الدولة والفقهاء والمعيدين (١٠)، وكان يومًا مشهودًا [وأمرًا محمودًا]، وأنشدت الشعراء الخليفة المدائح الرائقة والقصائد الفائقة (١١)، وقد ذكر ذلك (١٢) ابن الساعي في "تاريخه" مُطَوَّلًا مبسوطًا شافيًا كافيًا، [وافيًا، وقُرّر] (١٣) لتدريس الشافعية بها [الشيخ] الإمام [العلامة] محيي الدين أبو عبد الله بن فضلان (١٤)، وللحنفية الإمام العلامة رشيد الدين أبو حفص عمر بن محمد الفرغاني (١٥)، وللحنابلة الإمام العالم محيي (١٦) الدين يوسف بن الشيخ أبي


(١) أ، ب: وفيها. وقد ورد فيهما قبل هذا الخبر أخبار عدة سترد في آخر حوادث هذه السنة.
(٢) آثارها قائمة إِلى يوم الناس هذا على نهر دجلة تحكي عز بغداد. وقد كتب عمي العلامة الدكتور ناجي معروف كتابًا نفيسًا عنها وعن علمائها طبع في بغداد سنة ١٩٥٩ م ثم طبع ثانية في مجلدين سنة ١٩٦٥ م، وطبع بالقاهرة سنة ١٩٧٥ م (بشار).
(٣) ط: لم يُبْنَ.
(٤) أ، ب: يستمعون.
(٥) أ، ب: بتعلم.
(٦) أ، ب: وقرّر.
(٧) أ، ب: والحلواء.
(٨) هذا هو المرجح في الضبط، أو يكون الكلام لابن الساعي فيكون الضبط: "حضرتُ الدروسَ بها" (بشار).
(٩) ط: دروب.
(١٠) أ، ب: والفقهاء والمعتبرين.
(١١) أ، ب: المدائح الفائقة والقصائد الرائقة.
(١٢) أ، ب: وذكره.
(١٣) ط: وقدر.
(١٤) هو محيي الدين محمد بن يحيى بن فضلان الشافعي توفي سنة ٦٣١ هـ. سير أعلام النبلاء (٢٢/ ٣٦٧).
(١٥) توفي الفرغاني أيضًا سنة ٦٣١ هـ وهو أول من درس بالمستنصرية من الحنفية. الجواهر المضية (٢/ ٦٦٢).
(١٦) ب: الرئيس محيي الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>