للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستسلم لقضاء اللّه ﷿، وكفَّ (١) يده عن القتال، وأمر الناس وعزم عليهم أن لا يقاتلوا دونه، ولولا عزيمته عليهم لنصروه من أعدائه، ولكن كان أمرُ اللّه قدرًا مقدورًا.

وقال هشام بن عروة، عن أبيه:

إن عثمان أوصى إلى الزبير.

وقال الأصمعي: عن العلاء بن الفضل، عن أبيه. قال (٢):

لما قتل عثمان فتَّشوا خزانته فوجدوا فيها صندوقًا مقفلًا ففتحوه فوجدوا فيه حُقَّةً فيها ورقةٌ مكتوب فيها: هذه وصيةُ عثمان. بسم اللّه الرحمن الرحيم، عثمانُ بن عفّان يشهدُ أن لا إله إلا اللّه وحدَه لا شريكَ له، وأنّ محمدًا عبدُه ورسولُه، وأن الجنةَ حقٌّ، وأن النارَ حقٌّ، وأن الله يبعثُ مَنْ في القبور، ليوم لا ريبَ فيه، إن اللّه لا يُخلفُ الميعاد، عليها يحيا (٣) وعليها يموت، وعليها يبعث إن شاء اللّه تعالى.

وروى ابن عساكر (٤) أن عثمان قال يوم دخلوا عليه فقتلوه: [من الطويل]

أرى المَوْتَ لا يُبقي عَزيزًا ولم يَدَعْ. . . لعادٍ ملاذًا في البلادِ ومرتقى (٥)

وقال أيضًا: [من الطويل]

يُبَيِّتُ (٦) أهل الحصنِ والحصنُ مغلقٌ. . . ويأتي الجبالَ الموتُ في شماريخها العلا (٧)

صفة قتله -

وقال خليفة بن خياط (٨): حدَّثنا ابن عُلَيَّة، حدَّثنا ابن عون، عن الحسن قال: أنبأني وثّابٌ. قال:

بعثني عثمان فدعوت له الأشترَ فقال: ما يريد الناس؟ قال: ثلاث ليس من إحداهن بدٌّ، قال: ما هن؟ قال: يخيّرونك بينَ أن تخلعَ لهم أمرهم، فتقول: هذا أمركم فاختاروا منْ شئتم، وبين أن تقتصَّ (٩) من نفسك، فإن أبَيْتَ فإنَّ القومَ قاتِلوكَ. فقال: أما أن أخلعَ لهم أمرهم فما كنتُ لأخلعَ سِرْبالًا


(١) في أ: فكف.
(٢) الخبر في تاريخ دمشق (٤٠٦).
(٣) في أ: عليها نحيى.
(٤) تاريخ دمشق (٤٠٧).
(٥) في أ: ومرتعا.
(٦) بيَّتَ القوم والعدو أوقع بهم ليلًا وأتاهم وهم غارُّون. اللسان (بيت).
(٧) في أ: ويأتي الجبال في شماريخها العلاه.
(٨) تاريخ خليفة (١٧٠) والخبر أيضًا في تاريخ دمشق (٤٠٨) بخلاف في الرواية.
(٩) في الأصل: تقص يقال أقصّه الحاكم إذا مكنه من أخذ القصاص وهو أن يفعل مثل فعله من قتل أو قطع أو ضرب أو جرح. اللسان (قصص).