للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك ولم يلتفتوا إلى قوله، ولا صوّبوه (١) في فعله.

وقال محمد بن طاهر المقدسي: قال الحاكم: حديث الطير لم يخرّج في الصحيح وهو صحيح. قال ابن طاهر: بل هو موضوع لا يروى إلا عن سُقّاط أهل الكوفة من المجاهيل عن أنس، فإن كان الحاكم لا يعرف هذا فهو جاهل، وإلا فهو معاند كذّاب.

وقال أبو عبد الرحمن السّلمي (٢): دخلت على الحاكم وهو مختف من الكراميّة لا يستطيع أن يخرج منهم، فقلت: لو خرجت فأمليت حديثًا في فضائل معاوية لاسترحت مما أنت فيه، فقال: لا يجيء من قلبي، لا يجيء من قلبي. توفي في صفر من هذه السنة عن أربع وثمانين سنة. رحمه اللَّه تعالى.

يوسف بن أحمد بن كجٍّ (٣) أبو القاسم القاضي، أحد أئمَّة الشافعية، وله وجوه غريبة يحكيها في المذهب، وكانت له نعمة عظيمة جدًا، وولي القضاء بالدِّينور لبدر بن حسنويه، فلما تغيرت البلاد بعد موت بدر، وثبت عليه جماعة من العَيّارين فقتلوه ليلة سبع وعشرين من رمضان هذه السنة. رحمه اللَّه تعالى (٤).

[ثم دخلت سنة ست وأربعمئة]

في يوم الثلاثاء مستهلّ المحرم من هذه السنة وقعت فتنة بين أهل السنَّة والروافض، فسكّن الفتنة الوزير فخر المُلْك على أن تعمل الروافض بدعتهم يوم عاشوراء من تعليق المسوح والنَّوح.

وفي هذا الشهر ورد الخبر بوقوع وباءٍ شديد بالبصرة أعجز الحفَّارين والناس عن دفن موتاهم، وإنَّه أظلّت [البلد] سحابة في حزيران فأمطرتهم مطرًا شديدًا كثيرًا.

وفي يوم السبت ثالث صفر قُلِّد الشريف المُرْتَضَى أبو القاسم نقابة الطالبيين والمظالم والحج، وجميع ما كان يتولاه أخوه الرضيّ، وقرئ تقليده بمحضر من الوزير فخر المُلْك والقضاة والأعيان وكان يومًا مشهودًا.


= الخدري، وأبي هريرة، وغيرهم، وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
وانظر "مجمع الزوائد" (٩/ ١٠٣ - ١٦٨) (ع).
(١) في (ط): لاموه.
(٢) في الأصل: أبو عبد اللَّه، وما أثبت من (ب) و (ط) والسير.
(٣) المنتظم (٧/ ٢٧٥)، وفيات الأعيان (٧/ ٦٥)، سير أعلام النبلاء (١٧/ ١٨٣)، طبقات السبكي (٥/ ٣٥٩)، شذرات الذهب (٣/ ١٧٧).
(٤) إلى هنا ينتهي الجزء الحادي عشر من طبعة مكتبة المعارف البيروتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>