للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا رواه الإمام أحمد، عن عبد الصمد، وعفّان، عن حمَّاد بن سَلَمة، به مثله، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه (١) ولكن روى مسلم من حديث سعيد بن أبي بُرْدةَ وعونِ بن عبد الله بن عُتْبة، عن أبي بُرْدة، عن أبيه أبي موسى الأشعريّ، عن رسول الله : أنه قال: "لا يموتُ رجلٌ مُسلم إلا أدخَلَ اللهُ مكانَه النَّارَ يَهُوديّاً أو نَصْرَانيّاً" (٢).

فصل في ذكر الصراط، غير ما ذكر آنفاً من الأحاديث الصحيحة

ثم ينتهي الناس بعد مُفارقتهم مكانَ الموقف إلى الظُّلمة التي دُونَ الصَّراط، وهو جسر على جهنّمَ كما تقدّم عن عائشة: أن رسولَ الله سُئل: أين يكون الناسُ يوم تُبَدَّلُ الأرْضُ غيرَ الأرض والسموات؟ فقال: "هم في الظُلْمةِ دون الْجِسر" (٣).

وفي هذا الموضعِ يميز المنافقون عن المؤمنين، ويتخلّفون عنهم، ويَسْبقُهم المؤمنون، ويُحالَ بينهم وبينهم بسُورٍ يَمْنعُهُمْ منَ الوصول إليهم، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الحديد: ١٢ - ١٥].

وقال تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التحريم: ٨].

وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطنيّ ، في كتاب "الأفراد": حدّثنا محمد بن مخلد بن حفْص، ومحمد بن أحمد المَطِيري (٤)، قالا: حدثنا محمد بن حمزة بن زياد الطُّوسيّ، حدّثنا أبي، حدّثنا قَيْس بن الرَّبيع، عن عُبَيْدٍ المُكتِب، عن مُجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله : "جهنَّم مُحيطةٌ بالدُّنيا [والجنة من ورائها]، ولذلك صار الصراط على جهنم طريقاً إلى الجنة". ثم قال: غريب من حديث مُجاهد عن ابن عمر، لم يَرْوه عن عُبَيْد المُكْتب، غيرُ قَيْس وتفرَّد به حمزة بن زياد، عنه.


(١) رواه أحمد في المسند (٤/ ٤٠٧ - ٤٠٨) عن حسن بن موسى وعفان، وإسناده ضعيف.
(٢) رواه مسلم رقم (٢٧٦٧).
(٣) رواه مسلم رقم (٣١٥) من حديث ثوبان بلفظه، وروي عن عائشة بمعناه.
(٤) في (آ): المطري.

<<  <  ج: ص:  >  >>