للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك، ثم تَحلّ الشَّفَاعةُ، فيشفعون، حتَّى يخرُج من النار منْ قال: لا إله إلا اللهُ، وكان في قلبه من الْخَيْر ما يَزِنُ شَعيرةً، فيُجْعَلُونَ بِفِناءِ الْجنَّة، ويَجعْلُ أهْلُ الْجَنَّةِ يَرُشُّونَ عليهم الماءَ، حتَّى يَنبُتوا نَباتَ الشَّيْءِ في السَّيْل، وَيَذْهبُ حُراقُه ثم يَسألُ حتَّى تُجْعلَ لَهُ الدُّنيا، وعَشَرةُ أمثالها معها (١).

وقال مسلم: حدّثنا محمد بن طَريف بن خَلِيفَة البَجَليّ، حدّثنا محمد بن فُضَيْلِ، حدّثنا أبو مالك الأشْجَعيّ، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، وأبو مالك، عن رِبْعيٍّ، عن حُذيْفَةَ، قالا: قال رسول الله : "يَجْمَعُ اللهُ تعالى الناس، فيقوم المؤمنون حين تُزْلَفُ لَهمُ الْجنّة، فيأتُون آدمَ، فيقولون: يا أبانا، استفتحْ لنا الْجنَّة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنَّةِ إلّا خطيئةُ أبيكم آدم؟ لستُ بصاحب ذلك، اذْهَبُوا إلى ابني إبراهيم، خليلِ اللهِ" قال: "فيقول إبراهيم : لست بصاحب ذلك، إنّما كنتُ خَليلاً من وراءَ وراءَ، اعْمِدوا إلى موسى الذي كلمه الله تكليماً، فيأتون موسى فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى، كلمة الله ورُوحه، فيقولُ عيسى : لستُ بصاحب ذلك، اذهبوا إلى محمد فيأتون محمداً فيقوم ويُؤذَن له، وتُرْسلُ الأمانةُ والرَّحِمُ، فيَقُومانِ جَنَبَتَي الصِّراطِ يَميناً وشمالاً، فيَمرُّ أوَّلُكم كالْبَرْقِ" قال: قلت: بأبي أنْتَ وأمِّي، أيُّ شيءٍ كمَرِّ البرق؟ فقال: " ألم تَرَوْا إلى البرق، كيفَ يَمُرّ، ويَرْجعُ في طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمّ كَمَرِّ الريح، ثم كمَرِّ الطَّيْر، وشَدِّ الرجال (٢)، تجري بهمْ أعمالُهم، ونبيكم قائم على الصراط، يقول: رَبِّ سلِّمْ سلِّمْ، حتى تَعْجِزَ أعمالُ العِباد، حتى يَجِيء الرَّجُلُ فلا يستطيع السَّيْر إلّا زَحْفاً "، قال: " وفي حافَتي الصِّراط كَلاليبُ مُعلَّقةٌ مأْمورةٌ تأخُذُ منْ أُمِرَتْ به، فمَخْدوشٌ نَاجٍ، ومكدوس في النار " والذي نَفْسُ أبي هريرة بيده، إنَّ قَعْرَ جَهنَّم لَسَبعُونَ خريفاً (٣).

وقال ابن أبي الدنيا: حدّثنا أبو خَيْثمة، حدّثنا عفَّانُ بن مسلم، حدّثنا حمَّادُ بن سَلَمة، عن عليّ بن زيد، عن عُمَارة القرشيّ، عن أبي بُرْدةَ، عن أبي موسى الأشعَريّ، قال: قال رسول الله : "يَحْشُرُ اللهُ الأممَ في صعيدٍ واحدٍ، فإذا أراد أن يَصْدَعَ بَيْنَ خَلْقِهِ مَثَّلَ لِكُلِّ قَوْمٍ ما كانُوا يَعْبُدُون، فَيَتَّبعُونَهُمْ حتى يُقْحمُونهم النار، ثم يأتينا ربُّنا، ونَحْنُ في مكان رفيعٍ، فيقول: ما أنتم؟ فنقول: نحنُ المسلمون، فيقول: ما تَنْتَظرون؟ فنقول: ننتظر رَبَّنا، فيقول: هل تعرفونه إن رأيتموه؟ فنقول: نعم، فيقول: وكيف تعرفونه ولمْ تَرَوْهُ؟ فنقول: إنه لا عَدْل لهُ، فيتَجَلَّى لنَا ضاحِكاً، فيقول: أبْشرُوا مَعْشَرَ المُسلمين، فإنَّه ليس منكم أحدٌ إلا قد جَعَلْتُ مكانَهُ في النّار يَهُودياً، أو نَصْرانيّاً ".


(١) رواه مسلم رقم (١٩١).
(٢) شد الرجال: أي جريهم وسرعتهم في العدو.
(٣) رواه مسلم رقم (١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>