للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستتروا (١)؟ أو مستدبريَّ فكيف استحلّوا النظر في منزلي على (٢) امرأتي؟ والله ما أتيت إلا امرأتي وكانت تشبهها. فبدأ عمر بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة، قال: كيف رأيتهما؟ (قال): مستدبرهما. قال: فكيف استبنت (٣) رأسها (٤) قال: تحاملتُ. ثم دعا شبل بن معبد فشهد بمثل ذلك، فقال استقبلتهما أم استدبرتهما؟ قال: استقبلتهما. وشهد نافع بمثل شهادة أبي بكرة ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم. قال: رأيته جالسًا بين رجلي امرأة فرأيت قدمين مخضوبتين يخفقان وآستين مكشوفتين، وسمعت حفزانًا (٥) شديدًا. قال: هل رأيت كالميل (٦) في المكحلة؟ قال: لا. قال: فهل تعرف المرأة؟ قال: لا ولكن أشبهها. قال: فتنحَّ. وروي أن عمر كبر عند ذلك ثم أمر بالثلاثة فجُلدوا الحدَّ، وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٣)[النور: ١٣] فقال المغيرة: أشفني من الأعبد. قال: اسكت، أسكتَ اللهُ فاكَ، والله لو تمَّتِ الشهادة لرجمناكَ بأحجاركَ.

فتح الأهْواز ومَنَاذِر (٧) ونهرتِيْرَي (٨)

قال ابن جرير (٩): كان في هذه السنة، (وقيل: في سنة) ست عشرة. ثم روى من طريق سيف عن شيوخه أن الهُرْمزان كان قد تغلَّب على هذه الأقاليم (وكان ممَّنْ فَرَّ يوم القادسية من الفرس، فجهَّز أبو موسى من البصرة، وعتبة) بن غزوان من الكوفة جيشين لقتاله، فنصرهم الله عليه، وأخذوا منه ما بين دجلة إلى دجيل، وغنموا من جيشه ما أرادوا، وقتلوا من أرادوا، ثم صانعَهم وطلب مصالحتهم عن بقية بلاده، فشاورا في ذلك عتبة بن غزوان فصالحه، وبعث بالأخماس والبشارة إلى عمر، وبعث وفدًا فيهم الأحنف بن قيس. فأعجب عمر به وحظي عنده. وكتب إلى عتبة يوصيه به ويأمره بمشاورته والاستعانة برأيه. ثم نقض الهُرْمزان العهد والصلح، واستعان بطائفةٍ من الأكراد، وغزَّته نفسه، وحَسَّن له الشيطانُ عملَه في ذلك. فبرز إليه المسلمون فنُصِروا عليه وقتلوا من جيشه جمًا غفيرًا، وخلقًا كثيرًا،


(١) في تاريخ الطبري: لم أستتر.
(٢) في أ: إلى.
(٣) في تاريخ الطبري: استثبتَّ.
(٤) في أ: رؤوسهما.
(٥) حفزانًا: النفس الشديد المتتابع. اللسان (حفز).
(٦) في أ: كالمرود.
(٧) مناذر: قرية من قرى الأهواز. وهما قريتان. معجم ما استعجم (٤/ ١٢٦٣) ومعجم البلدان (٥/ ١٩٩).
(٨) تيرى: مقصور: نهر تيرى من نواحي الأهواز. معجم البلدان (٢/ ٦٦).
(٩) في تاريخه (٤/ ٧٢).