للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الحاكم في "مستدركه" (١): من طريق سعيد بن جُبير، عن ابن عبَّاس، ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٣٧] قال: قال آدم: يا ربِّ! ألم تَخْلُقني بيدكَ؟ قيل له: بلى. ونفختَ فيَّ من روحكَ؟ قيل له: بلى. وعطستَ، فقلتَ: يرحمُك اللَّه، وسبقتْ رحمتك غضبَكَ؟ قيل له: بلى. وكتبتَ عليَّ أن أعمل هذا؟ قيل له: بلى. قال: أفرأيتَ إن تبتُ، أفراجعي إلى الجنة؟. قال: نعم. ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يُخرِّجاه.

وروى الحاكم أيضًا، والبيهقيُّ، وابن عساكر، من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدِّه، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول اللَّه : "لما اقترفَ آدمُ الخطيئةَ قال: يا ربِّ أسألُكَ بحق محمَّد أن غفرتَ لي. فقال اللَّه: فكيفَ عرفتَ محمَّدًا ولم أخْلُقْه بعدُ؟ فقال: يا ربِّ لأنك لما خلقتني بيدكَ، ونفختَ فيَّ من روحكَ، رفعتُ رأسي فرأيتُ على قوائمِ العرش مكتوبًا لا إله إلا اللَّه محمَّدٌ رسولُ اللَّه. فعلمت أنَّك لم تُضِفْ إلى اسمكَ إلا أحبَّ الخلق إليكَ. فقال اللَّه: صدقتَ يا آدمُ! إنَّه لأحبُّ الخلق إليّ، وإذ سألتني بحقِّه فقد غفرتُ لكَ، ولولا محمَّدٌ ما خلقتُك" (٢). قال البيهقي: تفرَّد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه، وهو ضعيف، واللَّه أعلم.

وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾ [طه: ١٢١ - ١٢٢].

* * *

ذكرُ احتجاج آدمَ وموسى

قال البخاري (٣): حدثنا قتيبة، حدَّثنا أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "حاجَّ موسى آدمَ ، فقال له: أنتَ الذي أخرجتَ النَّاس بذنبكَ من الجنَّة وأشقيتهم. قال آدم: يا موسى! أنت الذي اصطفاكَ اللَّه برسالاته وبكلامِه، أتلُومني على أمر قد كتبَه اللَّه عليّ قبل أن يَخْلُقني أو قدَّره عليّ قبل أن يخلقَني؟ قال رسولُ اللَّه : فحجَّ آدمُ موسى".


(١) المستدرك (٢/ ٥٤٥).
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٦١٥) وصححه، وتعقبه الذهبي فقال: بل موضوع، وعبد الرحمن واهٍ، ورواه عبد اللَّه بن مسلم الفهري، ولا أدري من ذا؟ وانظره في تهذيب ابن عساكر (٢/ ٢٥٩).
(٣) في صحيحه (٤٧٣٨) في التفسير.