للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجد عليه وفيه من الذهب واللآليء والجواهر النفيسة ما ينيف على ما بذلوه بأضعافٍ مضاعفةٍ، مع ما ادَّخر اللَّه تعالى له من الأجر الجزيل في الآخرة، والثناء الجميل في الأولى، فرحمه اللَّه وأكرم مثواه.

وفي يوم السبت ثالث رمضان دخل جلال الدولة إلى بغداد، فتلقاه الخليفة في الطيّار (١)، ومعه الأكابر والأعيان، فلمّا واجهه جلال الدولة قبَّل الأرض دفعاتٍ، ثمّ سار إلى دار المُلْك، وعاد الخليفة إلى داره، وأمر جلال الدولة أن يُضْرَبَ له الطبل في أوقات الصلوات الثلاث، كما كان الأمر في زمن عضد الدولة وصمصامها وشرفها وبهائها، فكان الخليفة يُضْرَبُ له في أوقات الصلوات الخمس، فأراد جلال الدولة ذلك، فقيل: لا يحسن مساواة الخليفة، ثمّ صمم على ذلك في الأوقات الخمس.

قال ابن الجوزي (٢): وفيها: وقع بَرْد شديد حتى أجمد الخَلَّ، والنبيذ، وأبوال الدواب، والمياه الكبار، وحافات دجلة، ولم يحجّ في هذه السنة أحد من أهل المشرق.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن عبد الصمد بن المهتدي باللَّه (٣) أبو عبد اللَّه الشاهد.

خطب في جامع المنصور من سنة ست وثمانين وثلاثمئة، ولم يكن يخطب إلا بخطبة واحدة في كلِّ جمعة، وإذا سمعها الناس منه ضجّوا بالبكاء، وخشعوا لصوته.

الحسين بن علي بن الحسين (٤) أبو القاسم المغربي [الوزير].

ولد بمصر في ذي الحجّة سنة سبعين وثلاثمئة، وهرب منها حين قَتَل صاحبُها [الحاكم] أباه وعمَّه [محمدًا]، وقصد مكّة، ثمَّ الشام، ووزر في عدَّة أماكن، وقد وزر لشرف الدولة بعد الرخجي، وكان يقول الشعر الحسن، وقد تذاكر هو وبعض الصالحين فأنشده ذلك الرجل الصالح:

إذا شِئْتَ أنْ تَحيا سعيدًا (٥) فلا تكنْ … عَلَى حَالَةٍ إلا رَضِيْتَ بِدُونِها

فاعتزل المناصب والسلطان، فقال له بعض أصحابه: تركت المناصب في عنفوان شبابك، فأنشأ يقول:


(١) الطيار: نوع من السفن السريعة.
(٢) المنتظم (٨/ ٣١).
(٣) المنتظم (٨/ ٣١).
(٤) المنتظم (٨/ ٣٢)، الكامل في التاريخ (٩/ ٣٢١)، وفيات الأعيان (٢/ ١٧٢)، سير أعلام النبلاء (١٧/ ٣٩٤)، النجوم الزاهرة (٤/ ٢٦٦)، شذرات الذهب (٣/ ٢١٠).
(٥) في (ط): غنيًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>