للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما أظن هذا في قضاء الملك. فقال القاضي: هل لكما في (١) أمرٍ أنصف مما دعوتماني إليه؟ قالا: نعم. قال للمدعي: ألكَ ابنٌ؟ قال: نعم. وقال للآخر: ألك ابنة؟ قال: نعم. قال: اذهبا فزوّج ابنتك من ابن هذا وجهزاهما (٢) من هذا المال وادفعا فضل ما بقي إليهما يعيشان به فتكونا قد حمِّلتما (٣) بخيره وشره. فعجب ذو القرنين حين سمع ذلك، ثم قال للقاضي: ما ظننت أن في الأرض أحدًا يفعل مثل هذا، أو قاضٍ يقضي بمثل هذا؟ فقال القاضي وهو لا يعرفه: وهل أحد يفعل غير هذا؟ قال ذو القرنين: نعم. قال القاضي: فهل يُمطَرُون في بلادهم؟! فعجب ذو القرنين من ذلك وقال: بمثل هذا قامت السموات والأرض.

* * *

قصّة أخرى

قال البخاري (٤): حدّثنا محمد بن بشار، حدّثنا محمد بن أبي عدي، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي الصّدِّيق (٥) الناجي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي- قال: "كان في بني إسرائيل رجلٌ قتل (٦) تسعةً وتسعين إنسانًا، ثمّ خرج يسأل، فأتى راهبًا، فسأله، فقال: هل من توبةٍ (٧)؟ قال: لا. فقتله. فجعل يسأل، فقال له رجل: ائت قرية كذا وكذا، فأدركه الموتُ فناءَ بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فأوحى الله إلى هذه أن تقرَّبي، وأوحى إلى هذه أن تَبَاعدي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوُجد إلى هذه أقرب بشبرٍ، فغُفر له".

هكذا رواه هاهنا مختصرًا. وقد رواه مسلم (٨) عن بندار، به. ومن حديث شعبة، ومن وجه آخر عن قتادة، به مطولًا.

* * *


(١) ليست في ط.
(٢) كذا في ب، وفي أ: وجهزوهما. وفي ط: وجهزهما.
(٣) في ط: فتكونا مليًا.
(٤) صحيح البخاري رقم (٣٤٧٠) في أحاديث الأنبياء، باب (٥٤).
(٥) في ب: أبي بكر الصديق وهو سهو. وأبو الصدّيق هو بكر بن عمرو الناجي، ثقة من الطبقة الثالثة، مات سنة (١٠٨ هـ). تقريب التهذيب (١/ ١٠٦).
(٦) كذا في ب وط. والبخاري ومسلم. وفي أ زاد: قد.
(٧) كذا في ب وط والبخاري. وفي أ فسأله هل له توبة.
(٨) صحيح مسلم رقم (٢٧٦٦) في التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله.