للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحابه: يا رسول الله، أعطيتَ عيينة والأقرع مئةً مئةً، وتركتَ جُعيل بن سراقة الضَّمريَّ! فقال رسول الله : "أما والذي نفس محمد بيده لَجُعَيلٌ خيرٌ من طِلاع الأرض، كلُّهم مثل عيينة والأقرع، ولكن تألَّفتُهما ليسلما، ووكلت جُعيل بن سراقة إلى إسلامه".

ثم ذكر ابن إسحاق (١) من أعطاه رسول الله دون المئة ممن يطول ذكره.

وفي الحديث الصحيح (٢) عن صفوان بن أمية أنه قال: ما زال رسول الله يعطيني من غنائم حنينٍ وهو أبغض الخلق إليَّ، حتى ما خلق الله شيئًا أحبَّ إليَّ منه.

* * *

ذكر قدوم مَالِك بن عوفٍ النَّصريّ على الرسول -

قال ابن إسحاق (٣): وقال رسول الله لوفد هوازن وسألهم عن مالك بن عوفٍ "ما فعل؟ " فقالوا: هو بالطائف مع ثقيفٍ. فقال : "أخبروه أنه إن أتاني مسلمًا رددتُ إليه أهله وماله وأعطيته مئةً من الإبل". فلمَّا بلغ ذلك مالكًا انسلَّ من ثقيفٍ، حتى أتى رسول الله وهو بالجعرانة -أو بمكة- فأسلم وحسن إسلامه، فردَّ عليه أهله وماله، وأعطاه مئةً [من الإبل]، فقال مالك بن عوف : [من الكامل]

مَا إنْ رأيتُ ولا سمعت بمثله … في النَّاس كلِّهمُ بمثل محمدِ

أوفى وأعطى للجزيل إذا اجْتُدي … ومتى تشأْ يخبرك عمَّا في غدِ

وإذا الكَتيبةُ عرَّدت أنيابُها … بالسَّمهريِّ وضرب كلِّ مهنَّدِ

فكأنّه ليثٌ على أشباله … وسْط الهباءة خادرٌ في مرصدِ

قال: واستعمله رسول الله على من أسلم من قومه، وتلك القبائل؛ ثُمالة وسَلِمة وفَهمٌ، فكان يقاتل بهم ثقيفًا لا يخرج لهم سرحٌ إلا أغار عليه، حتى ضيَّق عليهم.

وقال البخاريُّ (٤): ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا جرير بن حازمٍ، ثنا الحسن، حدَّثني عمرو بن


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٤٩٣).
(٢) الذي رواه مسلم رقم (٢٣١٣) والترمذي رقم (٦٦٣).
(٣) انظر "السيرة النبوية" (٢/ ٤٩١).
(٤) رواه البخاري رقم (٣١٤٥).