للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَدَيْ (١) عاصم بن عمرو، بعد قتالٍ شديدٍ، وكانت ثغورها متسعةً، وبلادها متنائية (٢)، ما بين السند إلى نهر بلخ، وكانوا يقاتلون القُنْدَهار والترك من ثغورها وفروجها. وذكر فتح مُكران على يَدَي الحَكم بن عمرو، وأمدّه بشهاب بن المخارق ين شهاب، وسُهَيْل بن عدي، وعبد الله بن عبد الله واقتتلوا (٣) مع ملك السند فهزمَ اللهُ جموعَ السِّند، وغنم المسلمون منهم غنيمةً كثيرةً، وكتب الحكم بن عمرو بالفتح وبعث بالأخماس مع صُحار العَبْديّ، فلمّا قدم على عمر سأله عن أرض مُكران فقال: يا أمير المؤمنين، أرضٌ سهلُها جبلٌ، وماؤُها وَشَلُ (٤)، وتَمْرُها (٥) دَقَلُ (٦)، وعدوُّها بطلٌ، وخيرُها قليلٌ، وشرُّها طويلٌ، والكثيرُ بها قليلٌ، والقليلُ بها ضائعٌ، وما وراءها شرٌّ منها. فقال عمر: أسجَّاعٌ أنتَ أم مُخْبِر؟ (فقال: لا، بل مُخْبِرٌ)، فكتب عمر إلى الحكم بن عمرو أن لا يغزو بعد ذلك مُكران، وليقتصروا على ما دون النهر.

وقد قال الحكم بن عمرو في ذلك (٧): [من الوافر]

لَقَدْ شَبِعَ الأراملُ غيرَ فَخْرٍ … بِفَيْءٍ جاءَهم من مُكُّرانِ

أتَاهُمْ بَعْدَ مَسْغَبَةٍ وجَهْدٍ … وقدْ صَفِرَ الشِّتاءُ منَ الدُّخانِ

فَإنّي لا يَذُمُّ الجَيْشُ فِعْلي … ولا سَيْفي يُذَمُّ ولا لساني (٨)

غَدَاة أُدافِعٌ (٩) الأوْباش دَفْعًا … إلى السِّنْدِ العَريضة والمَداني

ومِهْرانٌ لنا فيما أرَدْنا … مُطِيعٌ غير مُسْترخي العِنان (١٠)

فَلَوْلا ما نَهَى عنه أميري … قَطعْناهُ إلى البُدُدِ الزَّوَاني

[غزة الأكراد]

ثم ذكر ابن جرير (١١) بسنده، عن سيفٍ، عن شيوخه: أن جماعةً من الأكراد والتفَّ إليهم طائفةٌ من


= سبخة. معجم البلدان (٣/ ١٩٠ - ١٩٢).
(١) في أ: على يد.
(٢) في أ: متباينة.
(٣) في أ: فاقتتلوا.
(٤) الوشل: الماء القليل. اللسان (وشل).
(٥) في أ، ط: ثمرها. وما هنا عن الطبري.
(٦) الدَّقَلُ من التمر: هو أردأ أنواعه.
(٧) الأبيات في تاريخ الطبري (٤/ ١٨٢ - ١٨٣) ومعجم البلدان (٥/ ١٧٩) دون الأخير.
(٨) في تاريخ الطبري والمعجم: ولا سناني.
(٩) في تاريخ الطبري: أدَفِّعُ. وفي معجم البلدان: أُرَفِّعُ.
(١٠) في معجم البلدان: الهوان.
(١١) في تاريخه (٤/ ١٨٣).