للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السِّير. على أن هذا ليس من الأمور الشاهدة، وأكثر ما في الباب أن الراوي رأى تأخيرَ طلوعها، ولم يُشاهد حبسها عن وقتها.

وأغرب من هذا ما ذكرَهُ ابنُ المُطَهَّر في كتابه "المنهاج"، أنَّها رُدَّت لعليٍّ مرتين، فذكرَ الحديث المُتقدِّم، كما ذكر، ثم قال: وأما الثانية فلمَّا أراد أن يعبرَ الفراتَ ببابلَ، اشتغلَ كثيرٌ من أصحابه بسبب دَوابِّهم، وصلَّى لنفسه في طائفة من أصحابه العصرَ، وفاتت كثيرًا منهم، فتكلَّموا في ذلك، فسألَ الله ردَّ الشمس فرُدَّت. وقد نظمه الحميريُّ، فقال:

رُدَّت عليه الشمس لمَّا فاتَه … وقت الصلاة وقد دنتْ للمغربِ

حتى تسلَّخ نورها في وقتها … للعصر ثم هوت هويَّ الكوكبِ

عليه قد رُدَّت ببابل مرَّة … أخرى وما ردت لخلق مقرب

قال: وذكر أبو نُعيم بعدَ موسى إدريس ، وهو عند كثير من المفسرين من أنبياء بني إسرائيل، وعند محمَّد بن إسحاق بن يَسار وآخرين من علماء النسب قبلَ نوح ، في عمود نسبه إلى آدم ، كما تقدَّم التنبيه على ذلك. فقال:

القول فيما أُعطي إدريس من الرفعة التي نَوَّهَ الله بذكرها، فقال: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا﴾ [مريم: ٥٧]

قال: والقول فيه أن نبينا محمدًا أُعطي أفضلَ وأكملَ من ذلك، لأن الله تعالى رفعَ ذكرَه في الدنيا والآخرة فقال: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [الشرح: ٤] فليس خطيبٌ ولا شفيعٌ ولا صاحبُ صلاة إلا يُنادي بها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فقرنَ الله اسمَه باسمِه، في مشارق الأرض ومغاربها، وذلك مفتاحًا للصلاة المفروضة.

ثم أوردَ حديثَ ابن لهيعة: عن درَّاج، عن أبي الهيثم (١)، عن أبي سعيد، عن رسول الله في قوله: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ قال: قال لي جبريلُ: قال الله: "إذا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ" (٢). ورواه ابن جرير وابن أبي عاصم من طريق دَرَّاج.

ثم قال: حدَّثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي، حدَّثنا موسى بن سهل الجوني، حدَّثنا أحمد بن القاسم بن بهرام الهيتي، حدَّثنا نصرُ بن حمَّاد، عن عثمان بن عطاء، عن الزهري، عن


(١) في المطبوع: "الهشيم" محرف، وهو أبو الهيثم العُتْواري، وهذا إسناد ضعيف.
(٢) رواه أبو يعلى في المسند (١٣٨٠) وابن جرير الطبري في تفسيره (٣٠/ ٢٣٥) وابن حبان في صحيحه (١٧٧٢) موارد، وإسناده ضعيف.