للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي شهر رجب قويت الأخبار بعزم التتار على دخول بلاد الشام، فانزعج الناس لذلك واشتد خوفهم جدًّا، وقَنَتَ الخطيب في الصلوات، وقُرِئ البخاري، وشرع الناس في الجَفَل (١) إلى الديار المصرية والكَرَك والحصون المنيعة، وتأخر مجيء العساكر المصرية عن إبّانها، فاشتد لذلك الخوف.

وفي شهر رجب باشر نجم الدين بن أبي الطيب نظر الخزانة عوضًا عن أمين الدين سليمان.

وفي يوم السبت ثالث شعبان باشر مشيخة الشيوخ بعد ابن جماعة القاضي ناصر الدين عبد السلام (٢)، وكان جمال الدين الزرعي (٣) يسد الوظيفة إلى هذا التاريخ.

وفي يوم السبت عاشر شعبان ضربت البشائر بالقلعة وعلى أبواب الأمراء بخروج السلطان بالعساكر من مصر لمناجزة التتار [المخذولين] (٤).

وفي هذا اليوم بعينه كانت وقعة عُرض (٥) وذلك أنّه التقى جماعة من أمراء الإسلام فيهم أسَنْدَمُر (٦) وبَهَادُر آص (٧) وكجكن وغرلو العادلي (٨)، وكلٌّ منهم سيف من سيوف الدين (٩) في ألف وخمسمئة فارس، وكان التتار في سبعة آلاف مقاتل (١٠)، فاقتتلوا، وصبر المسلمون صبرًا جيدًا، فنصرهم الله وخذل التتر، فقتلوا منهم خلقًا وأسروا آخرين، وولوا عند ذلك مدبرين، وغنم المسلمون منهم غنائم، وعادوا سالمين لم يفقد منهم إلا القليل ممن أكرمه الله بالشهادة، ووقعت البطاقة بذلك، ثم قدمت الأسارى يوم الخميس نصف شعبان، وكان يوم خميس النصارى.

أوائل وقعة شقحب (١١)

وفي ثامن عشر قدمت طائفة من جيش المصريين، فيهم الأمير ركن الدين بِيْبَرس


(١) "الجَفَلُ": الهربُ.
(٢) سيأتي في وفيات سنة ٧٠٩ هـ.
(٣) سيأتي في وفيات سنة ٧٣٤ هـ.
(٤) زيادة من ب وط والخبر في تاريخ ابن خلدون (٥/ ٤١٨) والبدائع (١/ ٤١٣).
(٥) عُرْض بعين مهملة مضمومة، بليد في بريّة الشام وهو بين تدمر والرّصافة. انظر ياقوت.
(٦) ستأتي ترجمته في وفيات سنة ٧١١ هـ.
(٧) ستأتي ترجمته في وفيات سنة ٧٣٠ هـ.
(٨) ستأتي ترجمته في وفيات سنة ٧١٩ هـ.
(٩) كذا في ب وط وفي أ: الملَّة.
(١٠) ليست في ب وط.
(١١) "شَقْحَبُ": موضع قرب دمشق، نسب إليه جماعة من المحدِّثين، انظر "التاج" (شقحب) وذكرها ابن خلدون في تاريخه (٥/ ٤١٨) وقال: هي مرج الصُفَّر، وفي "بدائع الزهور" (١/ ٤١٣)، هي: مرج راهط تحت جبل غباغب، وكلاهما من نواحي دمشق. وما تزال قائمة إلى يومنا هذا، تبعد عن زاكية ٧ كم وهي بين النافور وكناكر والزريقيّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>