للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شوال، لعُبيدة بن الحارث لواءً أبيض وأمرَهُ بالمسير (١) إلى بطن رابغٍ. وكان لواؤه مع مِسْطَح بن أُثَاثة، فبلغ ثنيَّة المَرَة وهي بناحيةِ الجُحْفَة (٢) في ستين من المهاجرين ليس فيهم أنصاريّ، وأنهم التقوْا هم والمشركين على ماءٍ يُقالُ له أحياء، وكان بينهم الرَّمي دون المُسَايفة (٣). قال الواقدي: وكان المشركون مئتين عليهم أبو سفيان صَخْر بن حَرْب وهو الثابت (٤) عندنا؛ وقيل: كان عليهم مِكْرَز بن حَفْص.

[فصل]

قال الواقدي (٥): وفيها -يعني في السنة الأولى في ذي القَعْدَة- عقد رسولُ اللَّه لسعدِ بن أبي وقَّاص إلى الخرَّار لواءً أبيض يحملُه المقدادُ بن الأسود؛ فحدَّثني أبو بكر بن إسماعيل، عن أبيه، عن عامر بن سعد [عن أبيه]. قال: خرجتُ في عشرين رجلًا على أقدامنا -أو قال أحد وعشرين رجلًا- فكنا نكمُنُ النهارَ ونسير الليل حتى صبَّحنا الخرَّار صُبْح خامسة، وكان رسولُ اللَّه قد عهد إليَّ أن لا أجاوز الخرَّار، وكانت العير قد سبقتني قبل ذلك بيوم. قال الواقدي: كانت العير ستين، وكان مَنْ مع سعد كلُّهم من المهاجرين.

قال أبو جعفر بن جرير (٦) وعندَ ابنِ إسحاق أنَّ هذه السرايا الثلاث التي ذكرها الواقدي كلُّها في السنة الثانيةِ من الهِجْرَة من وقت التاريخ.

قلت: كلام ابنِ إسحاق ليس بصريح فيما قاله أبو جعفر لمن تأمَّله كما سنوردُه في أول كتابِ المغازي في أولِ السنةِ الثانيةِ من الهجرة وذلك تِلْو ما نحنُ فيه إنْ شاء اللَّه تعالى، أو يحتمل أن يكون مرادُه أنها وقعت هذه السرايا في السنة الأولى، وسنزيدُها بسطًا وشرحًا إذا انتهينا إليها إن شاء اللَّه تعالى. والواقدي عنده زياداتٌ حسنة، وتاريخٌ محرَّرٌ غالبًا فإنه من أئمةِ هذا الشأن الكبار وهو صدوقٌ في نفسه مِكْثار كما بسطْنَا القولَ في عدالته وجَرْحِه في كتابنا الموسوم "بالتكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل" وللَّه الحمدُ والمِنَّة.

[فصل]

وممن ولد في هذه السنة المباركة -وهي الأولى من الهجرة- عبدُ اللَّه بن الزُّبير، فكان أولَ مولودٍ ولد


(١) في ح: بالسير. وكذا في إحدى نسخ الطبري.
(٢) الجُحْفة: على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل، وهي ميقات أهل مصر والشام. معجم البلدان (٢/ ١١١).
(٣) في ط: المسابقة. والمثبت من تاريخ الطبري. والمسايفة: التضارب بالسيف.
(٤) في ط: المثبت. والمثبت من ح.
(٥) قول الواقدي في تاريخ الطبري (٢/ ٤٠٣) وما يأتي بين معقوفين منه، الخبر في مغازي الواقدي (١/ ٢).
(٦) في تاريخه تاريخ الطبري (٢/ ٤٠٣).