للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر شيء مما وقع من الحوادث (١) في زمن الفترة فمن ذلك بنيان الكعبة

وقد قيل: إن أول من بناه آدم، وجاء في ذلك حديث مرفوع عن عبد الله بن عمرو وفي سنده ابنُ لَهِيْعَةَ وهو ضعيف (٢)، وأقوى الأقوال أن أول من بناه الخليل . كما تقدم (٣).

وكذلك رواه سِمَاك بن حرب عن خالد بن عَرْعَوة عن علي بن أبي طالب قال: ثمّ تهدَّم فبنته العمالقةُ، ثمّ تهدّم فبنته جُرْهم، ثم تهدّم فبنته قريش (٤).

قلت: سيأتي بناء قريش له، وذلك قبل المبعث بخمس سنين، وقيل بخمس عشرة سنة. وقال الزهري: كان رسول الله قد بلغ الحلم. وسيأتي ذلك كلّه في موضعه إن شاء الله، وبه الثقة.

[ذكر كعب بن لؤي]

روى أبو نُعيم من طريق محمد بن الحسن بن زبالة، عن محمد بن طلحة التَّيْمي، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي سلمة، قال: كان كعبُ بن لُؤي يجمع قومَه يوم الجمعة -وكانت قريش تسمّيه العَرُوْبَة (٥) - فيخطبهم فيقول: أما بعد، فاسمعوا وتعلّموا، وافْهموا واعلموا، ليل ساج، ونهارٌ ضاح (٦)، والأرض مِهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجومُ أعلام، والأوّلون كالآخرين، والأنثى والذكر، والزوج إلى بلّى ما يهيج (٧). فصلوا أرحامكم، واحفظوا أصْهارَكم، وثَمِّروا أموالكم. فهل رأيتم من هالكٍ رَجع؟ أو ميت نُشِر؟ الدارُ أمامكم، والظنُّ غيرُ ما تقولون، حَرَمُكم زَيِّنوه وعظّموه، وتمسّكوا به، فسيأتي له نبأ عظيم؛ وسيخرجُ منه نبي كريم، ثم يقول: [من الطويل]

نهارٌ وليلٌ كلّ يوم بحادثٍ … سواءٌ علينا ليلُها ونهارها


(١) في ط: شيء من الحوادث.
(٢) عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي، قاضي مصر، كان يدلس عن الضعفاء. توفي سنة (١٧٤ هـ). المجروحين (٢/ ١١ - ١٤).
(٣) عند ذكر قصة بناء البيت العتيق في الجزء الأول من هذا الكتاب.
(٤) وهذا سنده ضعيف أيضًا فإن خالد بن عرعرة مجهول الحال. وانظر "مختصر تاريخ دمشق" لابن عساكر (١٨/ ٢٣).
(٥) في دلائل النبوة لأبي نعيم: وكانت قريش تسمي يوم الجمعة عَروبة. وكذلك في القاموس المحيط.
(٦) ليل ساج: يروح ويجيء، ونهار ضاح: ظاهر مضيء.
(٧) في ط: والروح وما يهيج إلى بلى. وفي دلائل النبوة: والزوج إلى بلى صائرين. ويهيج: يثور.