للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انصرِفْ عنِّي، فقد آذَيْتني. قال: فانصرفَ عنه الرشيدُ وقد تصاغرَتْ عندَهُ الدنيا (١).

وممن تُوفِّي فيها من الأعيان:

أبو إسحاق الفَزَاري (٢) إبراهيم بن محمد بن الحارث بن إسماعيل بن خارجة، إمامُ أهلِ الشام في المغازي وغيرِ ذلك. أخذ عن الثوري، والأوزاعي، وغيرهما. تُوفي في هذه السنة، وقيل قبلَها (٣).

وإبراهيم الموصلي (٤) النَّديم وهو إبراهيم بن ماهان بن بهمن، أبو إسحاق، أحدُ الشعراءَ والمغنّين والنُّدماء للرشيد وغيره؛ أصلُهُ من الفُرْس، ووُلد بالكوفة، وصحب شبابَها، وأخذ عنهمُ الغناء، فأجاد في عِلْمِهِ. ثم سافر إلى المَوْصِل، ثم عاد إلى الكوفة، فقالوا له: الموصلي. ثم اتصل بالخلفاء، أولُهم المهدي، وحَظِيَ عند الرشيد. وكان من جُملةِ سُفَارِهِ ونُدَمائهِ ومُغنِّيه. وقد أثرَى وكَثُرَ مالُه جدًّا، حتى قيل: إنه ترك أربعة وعشرينَ ألفَ الف درهم. وكانتْ له طُرفٌ وحكاياتٌ غَريبة. وكان مولدُه سنةَ خمسَ عشرةَ ومئة في الكوفة، ونشأ في كفالةِ بني تميم، فتعلَّم منهم، ونُسب إليهم. وكان فاضلًا بارعًا في صناعةِ الغناء. وكان مُزَوَّجًا بأختِ المنصور الملقَّب بِزَلْزَل (٥) الذي كان يضرب معه، فإذا غنَّى هذا وضربَ هذا اهتزَّ المجلس.

تُوفي في هذه السنةِ على الصحيح. وحكى ابنُ خَلِّكان في الوفيات (٦)، أنه توفي وأبو العتاهية وأبو عمرو الشيباني ببغداد في يومٍ واحد، من سنةِ ثلاثَ عشرةَ ومئتين، وصحح الأول.

ومن قولِهِ في شعرِهِ عند احتضارِه قولُه:

مَلَّ واللَّه طَبيبي … منْ مُقاساةِ الذي بي

سوف أُنْعَى عن قريبٍ … لِعَدُوٍّ وحَبيبِ

[وفيها مات]

جَرير بنُ عبدِ الحميد.


(١) الخبر والشعر في صفة الصفوة (٢/ ٥١٧، ٥١٨)، والمختار من مناقب الأخيار لابن الأثير (١/ ٥٠٨)، وهو بتحقيقي، وتعجيل المنفعة (٥٦) لابن حجر.
(٢) ذكر المؤلف وفاته في سنة (١٨٥)، انظر ص ٤٥٩ من هذا الجزء، ومصادر ترجمته ذُكرتْ ثَمّ.
(٣) انظر الحاشية السابقة.
(٤) ترجمته في الأغاني (٥/ ١٦٩)، تاريخ بغداد (٦/ ١٧٥)، الفهرست (٢٠١)، المؤتلف والمختلف لابن القيسراني (١٣٦، و ٢٠١)، المنتظم (٩/ ١٥٦)، الكامل لابن الأثير (٥/ ٤٩٠)، وفيات الأعيان (١/ ٤٢)، سير أعلام النبلاء (٩/ ٧٩)، شذرات الذهب (١/ ٣١٨، ٣١٩).
(٥) انظر نزهة الألباب في الألقاب (٣٤٤).
(٦) وفيات الأعيان (١/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>