للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خبزًا، ومرة خبزًا وسمنًا، ومرة تمرًا ينثر لهم (١). فلمّا قدموا المسجدَ أسلموا، وقد خَلَّفوا مُسَيْلمة في رحالهم، ولما أرادوا الانصرافَ أعطاهم جوائزَهم خمسَ أواقٍ من فضة، وأمر لمسيلمة بمثل ما أعطاهم، لما ذكروا أنّه في رحالهم، فقال: "أما إنه ليس بشرِّكم مكانًا". فلما رجعوا إليه أخبروه بما قال عنه، فقال: إنما قال ذلك لأنه عرف أن الأمر لي من بعده، وبهذه الكلمة تشبَّث قبّحه الله حتى ادَّعى النبوة.

قال الواقدي (٢): وقد كان رسول الله بعث معهم بإداوة فيها فضل طهوره، وأمرهم أن يهدموا بِيعتهم، وينضحوا هذا الماء مكانها، ويتخذوه مسجدًا، ففعلوا.

وسيأتي ذكر مقتل الأسود العنسي في آخر حياة رسول الله ، ومقتل مسيلمة الكذاب في أيام الصِّدّيق، وما كان من أمر بني حنيفة، إن شاء الله تعالى.

وَفْدُ أهْلِ نَجْران

قال البخاري (٣): حدّثنا عَبّاسُ بن الحُسين، حدّثنا يحى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صِلَةَ بن زُفَر، عن حُذيفة، قال: جاء العاقِبُ والسَّيِّد صاحبا نجران إلى رسول الله ، يريدان أن يلاعناه، فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فوالله لئن كان نبيًا فلاعنّاه (٤) لا نفلح نحن ولا عَقِبُنا من بعدنا. قالا: إنا نعُطيكَ ما سَأَلتَنَا، وابعث معنا رجلًا أمينًا، ولا تبعث معنا إلا أمينًا (٥). فقال: "لأبعثَنَّ معكم رجلًا أمينًا حقَّ أمين". فاستشرفَ لها أصحابُ رسول الله ، فقال (٦): قم يا أبا عبيدة بن الجراح، فلما قام قال رسول الله : "هذا أمين هذه الأمة".

وقد رواه البخاري أيضًا ومسلم (٧) من حديث شعبة، عن أبي إسحاق به.

وقال الحافظ أبو بكر البيهقي (٨): أنبأنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل قالا: حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدّثنا أحمد بن عبد الجبار، حدّثنا يونس بن بُكير، عن سلمة بن عبد (٩) يسوع، عن أبيه، عن جده -قال يونس وكان نصرانيًا فأسلم- أنّ رسول الله كتب إلى


(١) في المطبوعة (ينزلهم).
(٢) طبقات ابن سعد (١/ ٣١٧).
(٣) صحيح البخاري رقم (٤٣٨٠) وانظر طبقات ابن سعد (١/ ٣٥٧ - ٣٥٨).
(٤) في صحيح البخاري: "فلاعنّا".
(٥) في أ وط: "ولا تبعث معنا إلا رجلًا أمينًا" وأثبتنا ما في البخاري، ودلائل النبوة (٥/ ٣٩٢).
(٦) في الأصول: (وقال) وما هنا عن البخاري.
(٧) البخاري رقم (٤٣٨١) ومسلم رقم (٢٤٢٠) في فضائل الصحابة.
(٨) دلائل النبوة (٥/ ٣٨٥) وما بعد.
(٩) ليس اللفظ في المطبوعة.