للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر أيام معاوية بن أبي سفيان [] (١) وملكه

قد تقدَّم في الحديث أنَّ الخلافة بعده ثلاثون سنة، ثم تكون مُلكًا، وقد انقضت الثلاثون سنة بخلافة الحسن بن علي، فأيام معاوية أول المُلْك، فهو أولُ ملوك الإسلام وخيارُهم.

قال الطبراني (٢): حدثنا علي (٣) بن عبد العزيز، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا الفُضيل بن عِياض، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابِط، عن أبي ثعلبة الخُشَني، عن معاذ بن جبل وأبي عبيدة قالا (٤): قال رسول الله : "إنَّ هذا الأمرَ بدأ رحمةً ونبوَّة، ثم يكونُ رحمةً وخِلافَة، ثم كائن مُلكًا عَضُوضًا (٥)، ثم كائن عُتُوًّا وجَبَريَّةً وفسادًا في الأرض، يستحلُّونَ الحريرَ والفُروج والخمورَ، ويُرْزَقونَ على ذلك ويُنْصَرونَ حتى يَلْقَوا الله ﷿". إسناده جيد (٦).

وقد ذكرنا في "دلائل النبوة" الحديثَ الوارد من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن مُهاجر - وفيه ضعف - عن عبد الملك بن عُمَيْر (٧) قال: قال معاوية: [والله ما حَمَلَني على الخلافة إلَّا قولُ رسول الله لي: "يا معاويةُ] (٨) إنْ مَلكْتَ فأَحسِنْ". رواه البيهقي (٩) عن الحاكم، عن الأصمّ، عن العباس بن محمد، عن محمد بن سابق، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن إسماعيل. ثم قال البيهقي: وله شواهد من وجوه أُخر، منها:

حديث عمرو بن يحيى بن سعيد بن العاص، عن جدِّه سعيد: أنَّ معاويةَ أخذ الإداوة (١٠) فتبعَ رسولَ الله فنظر إليه، فقال له: "يا مُعاويةُ إنْ وليتَ أمرًا فائقِ اللهَ واعْدِلْ". قال معاوية:


(١) ما بين حاصرتين من (أ) فقط، وستأتي ترجمة معاوية لاحقًا في سنة ٦٠ هـ.
(٢) الطبراني في الكبير (٢٠/ رقم ٩١).
(٣) في أ: عمر، خطأ.
(٤) في أ، ط: قالوا: والمثبت من ب وهو الوجه.
(٥) قال ابن الأثير في النهاية: أي يصيب الرعية فيه عسف وظلم، كأنهم يُعضون عضًا.
(٦) هكذا قال، وفي قوله انظر، فإن ليث بن أبي سليم ضعيف، وعبد الرحمن بن سابط. قيل: لم يدرك أبا ثعلبة الخشني كما قال في تهذيب الكمال (١٧/ ١٢٤) (بشار).
(٧) تحرف في ط إلى: عمر.
(٨) ما بين حاصرتين سقط من أ. والخبر والحديث في سير أعلام النبلاء (٣/ ١٣١).
(٩) البيهقي في "دلائل النبوة" (٦/ ٤٤٦).
(١٠) الإداوة: إناء صغير من جلد يتخذ للماء، وجمعها أداوَى.