للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْ للذي لم تَرَ عَيْـ … ــنَا منْ رآهُ مثلَهُ

حتى كأنَّ منْ رآ … هُ قد رأى منْ قبلَهُ

العلمُ يَنْهَى أهلَهُ … أنْ يَمْنَعُوهُ أهْلَهُ

لعلَّهُ يَبْذُلُهُ … لأهلِهِ لَعَلَّهُ (١)

قال: فوجَّهَ به إليهِ في الحالِ هديَّةً لا عارِيَّة.

وقال إبراهيمُ الحربي: قيل لأحمد بن حنبل: هذه المسائل الدِّقَاق، منْ أين هي لك؟ قال: من كُتب محمدِ بنِ الحسن . وقد تقدَّمَ أنه ماتَ هو والكِسَائي في يومٍ واحدٍ من هذه السنة. فقال الرشيد: دفنتُ اليومَ اللغةَ والفِقْه جميعًا. وكان عمرهُ ثمانيةً وخمسين سنة.

[ثم دخلت سنة تسعين ومئة من الهجرة]

فيها خلَعَ رافعُ بنُ لَيْث بنِ نصر بن سَيَّار نائبُ سَمَرْقَنْدَ الطاعة، ودَعَا إلى نفسه، وتابعَهُ أهلُ بلدِهِ وطائفةٌ كثيرة من تلك الناحية؛ واستفحل أمرُه، فسار إليه نائبُ خُرَاسانَ عليُّ بن عيسى، فهزمَهُ رافع، وتفاقَمَ الإمرُ به.

وفيها سار الرشيدُ لِغَزْوِ بلادِ الرُّوم لعشرٍ بَقينَ من رجب، وقد لبس على رأسِهِ قَلَنْسُوةً، فقال فيه أبو المعلّى الكلابي:

فمَنْ يطلُبْ لقاءَكَ أو يُرِدْهُ … فبالحرَمَيْنِ أو أقصَى الثُّغورِ

ففي أرضِ العدوِّ على طِمِرٍّ … وفي أرض التَّرَفُّهِ (٢) فَوْقَ كُورِ

وما حازَ الثغورَ سواكَ خَلْقٌ … من المتخلِّفينَ على الأمورِ (٣)

فسارَ حتى وصل إلى الطُّوَانَة (٤)، فعسكر بها وبعث إليه نَقْفُور إليه بالطاعة، وحَمَلَ الخراجَ والجِزْيَة، حتى عن رأسِ وَلَدِه ورأسِه، وأهلِ مملكتِه، في كلِّ سنةٍ خمسةَ عشرَ ألفَ دينار. وبعثَ يَطْلبُ من الرشيدِ جارية قد أسروها، وكانتِ ابنةَ ملكِ هِرَقْلَة، وكان قد خطبَهَا على ولَدِه. فبعث بها الرشيدُ مع


(١) رواية (ق) في البيت الأول: "لم تر عيناي مثله"، والمثبت من (ب، ح) وبنحوه الأبيات في ديوان الشافعي ص (١٢١)، وفيه زيادة بيت قبل الأخير وهو:
لأنَّ ما يُجنُّهُ … فاقَ الكمالَ كُلَّهُ
(٢) هذه رواية (ق)، وفي (ب، ح): "الثنية".
(٣) ليس هذا البيت في (ب، ح).
(٤) "طُوَانة" -بضَمِّ أوله، وبعد الألف نون-: بلدٌ بِثُغور المَصِّيصَة. معجم البلدان (٤/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>