للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الحديث مخرَّج في "الصحيحين" (١) من طريق خالد بن مِهْرَان الحَذَّاء، عن أبي عثمان النَّهديِّ، واسمه عبد الرحمن بن مَلٍّ، حدثني عمرو بن العاص أنَّ رسول الله بعثه على جيش ذات السَّلاسل، فأتيته فقلت: أيُّ الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة". قلت: فمن الرجال؟ قال: "أبوها". قلت: ثم من؟ قال: "ثمَّ عمر بن الخطاب". فعدَّ رجالًا، وهذا لفظ البخاري.

وفي رواية (٢): قال عمرو: فسكتُّ مخافة أن يجعلني في آخرهم.

* * *

سَرِيةُ أَبي عُبَيْدَةَ بن الجَرَّاحِ إلى سيف البحر (٣)

قال الإمام مالك، عن وهب بن كيسان، عن جابر قال: بعث رسول الله بعثًا قبل الساحل، وأمَّر عليهم أبا عبيدة بن الجرَّاح، وهم ثلاثمئة. قال جابر: وأنا فيهم، فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد، فأتوا أبا عبيدة بأزواد ذلك الجيش، فجُمع كلُّه، فكان مزودَي تمر، فكان يقوتنا كل يوم قليلًا قليلًا حتى فني، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة. قال: فقلت: وما تعني تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت. قال: ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حوت مثل الظرب. قال: فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثم أمر براحلة فرحلت، ثم مرَّت تحتهما فلم تصبهما. أخرجاه في "الصحيحين" (٤) من حديث مالك، بنحوه.

وهو في "الصحيحين" أيضًا (٥) من طريق سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر قال: بعثنا رسول الله في ثلاثمئة راكب، وأميرنا أبو عبيدة بن الجراح، نرصد عيرًا لقريش، فأصابنا جوع شديد، حتى أكلنا الخبَط، فسمى ذلك الجيش جيش الخبَط. قال: ونحر رجل ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم ثلاثًا، فنهاه أبو عبيدة. قال: وألقى البحر دابة يقال لها: العنبر. فأكلنا منها نصف شهر وادّهنّا، حتى ثابت إلينا أجسامنا وصلحت. ثم ذكر قصة الضِّلع. فقوله في الحديث: نرصد عيرًا لقريش. دليل على أنَّ هذه السريَّة كانت قبل صلح الحُدَيبية، والله أعلم.


(١) رواه البخاري رقم (٣٦٦٢) و (٤٣٥٨) ومسلم رقم (٢٣٨٤).
(٢) وهي عند البخاري رقم (٤٣٥٨).
(٣) انظر خبرها في "الاكتفا في مغازي الرسول والثلاثة الخلفا" للكلاعي (٢/ ٤٢٨).
(٤) رواه البخاري رقم (٢٤٨٣) و (٤٣٦٠) ومسلم رقم (١٩٣٥) (٢١).
(٥) رواه البخاري رقم (٤٣٦١) و (٥٤٩٤) ومسلم رقم (١٩٣٥).