للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة ثلاثين ومئتين]

في جمادى (١) منها خرجت بنو سُليم حول المدينة النبوية، فعاثوا في الأرض فَسَادًا، وأخافوا السبيل، وقاتلهم أهلُ المدينة، فهزموا أهلَها، واستحوذوا على ما بين المدينة ومكّة وتلك المناهل والقُرى.

فبعث إليهم الواثقُ بُغا الكبيرَ أبا موسى التركيّ في جيشٍ، فقاتلهم في شعبان، فقتَلَ منهم خمسين فارسًا، وأسر مثلهم، وانهزم بقيتُهم، فدعاهم إلى الأمان وأن يكونوا على حكم أميرِ المؤمنين، فاجتمع إليه منهم خلقٌ كثيرٌ، فدخل بهم المدينة، وسجن رؤوسهم في دار يزيد بن معاوية. وخرج إلى الحجِّ في هذه السنة، وشهد معه الموسم إسحاق بن إبراهيم بن مُصْعب نائبُ العراق.

وحجَّ بالناس محمد بن داود الأمير.

[وفي هذه السنة توفي]

عبد اللَّه بن طاهر بن الحسين (٢): نائبُ خراسان وما والاها من البلدان. وكان خراج ما تحت يده ثمانية وأربعين ألفَ ألف درهم، فولَّى الخليفةُ ابنه طاهرًا مكانه. وكانت وفاة عبد اللَّه بن طاهر الأمير بعد موت أشناس التركي بتسعة أيام، وذلك يوم الإثنين لإحدى عشرة ليلة خلَتْ من شهر ربيع الأول من هذه السنة.

وقد حكى القاضي ابن خلكان (٣): أنه توفي سنة ثمان وعشرين بمَرْو، وقيل: بنيسابور. وكان كريمًا جوادًا ممدَّحًا، له شعر حسنٌ، أورد له منه.

قال (٤): وقد ولي نيابة مصرَ بعد العشرين ومئتين.

وذكر الوزير أبو القاسم بن المغربي: أن البطيخ العَبْدَلاوي الذي بمصرَ منسوبٌ إلى عبد اللَّه بن طاهر هذا.

قال القاضي ابن خلكان (٥): إما أنه كان يستطيبه، أو لأنَّه أوَّلُ مَن زرعه هناك، واللَّه أعلم. ومن شعره (٦):

اغتفِرْ زَلَّتي لِتُحْرِزَ فَضْلَ الشُّـ … ــكْرِ مِنَّي ولا يفوتَكَ أجْرِي


(١) الطبري: في جمادى الآخرة.
(٢) تاريخ بغداد (٩/ ٤٨٣)، ابن عساكر (٣/ ٢٠٥ - ٢٢٧)، الكامل لابن الأثير (٧/ ١٤)، وفيات الأعيان (٣/ ٨٣)، سير أعلام النبلاء (١٠/ ٦٨٤)، النجوم الزاهرة (٢/ ٢٥٨).
(٣) وفيات الأعيان (٣/ ٨٨) وحكى أيضًا أنه توفي سنة ثلاثين ومئتين ورجح ذلك، ولذلك ذكره المصنف هنا.
(٤) وفيات الأعيان (٣/ ٨٧) وفيه: كان دخوله إليها سنة إحدى عشرة ومئتين.
(٥) وفيات الأعيان (٣/ ٨٨).
(٦) وفيات الأعيان (٣/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>