للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين كان نائبًا على خراسان، وكان بها بيتُ النار التي كانتْ تعبدُها المجوس، وقد كان جدُّه بَرْمَك من خُدَّامِها، فهَدَمَ بعضَه ولم يتمكَنْ من هَدْمِهِ كُلَّه، لِقُوَّة إحكامه. وبَنَى مكانَهُ مسجدًا للَّه تعالى، وذكر أنه كان يتمثل في السِّجْنِ بهذه الأبيات ويبكي:

إلى اللَّه فيما نالنا نَرْفَعُ الشَّكْوَى … ففي يَدِهِ كَشْفُ المضَرَّةِ والبَلْوَى

خرَجْنا من الدُّنيا ونحنُ مِنَ أهْلِها … فلا نحنُ في الأمواتِ فيها ولا الأحيا

إذا جاءنا السَّجَّانُ يومًا لحاجةٍ … عَجِبنا وقُلْنا جاءَ هذا من الدُّنيا

ومحمد بن أمية الشاعر الكاتب (١): وهو من بيتٍ كلُّهم شعراء أُدَباء، وقد اختلَطَ أشعارُ بعضِهم في بعض. وله شعرٌ رائق، ومَديحٌ فائق.

ومنصور بن الزِّبْرِقان (٢) بن سَلَمة، أبو الفَضْل النُّمَيري الشاعر، امتدَحَ الرشيد؛ وأصلُهُ من الجزيرة، وأقام ببغداد، ويُقال لِجَدِّهِ مُطْعِمُ الكبْشَ الرَّخَمَ، وذلك أنه أضافَ قومًا، فجعلت الرَّخَمُ تَحُومُ حولَهم، فأمرَ بكبشٍ يُذبَحُ للرَّخَم، حتى لا يتأذَّى بها ضيفانُه، ففُعل له ذلك، فقال الشاعر فيه:

أبوكَ زعيمُ بني قاسِطٍ … وخالُكَ ذو الكَبْشِ يَقْري الرَّخَمْ

وله أشعارٌ حسَنة، وكان يَرْويْ عن كُلْثومِ بن عمرو، وكان شيخَهُ الذي أخذ عنه الغِنَاء.

يوسف بن القاضي أبي يوسف (٣): سمع الحديثَ من السَّرِيِّ بن يحيى، ويونس بن أبي إسحاق. ونظر في الرَّأْي، وتفقَّه ووُلي قضاء الجانب الشرقي ببغداد في حياةِ أبيه أبي يوسف. وصلَّى بالناسِ الجُمعةَ بجامعِ المنصور عن أمرِ الرشيد. تُوفي في رجب من هذه السنة، وهو قاضٍ ببغداد.

[ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين ومئة]

قال ابنُ جرير (٤): في المحرَّم منها تُوفي الفضلُ بن يحيى. وقد أرَّخ ابنُ الجوزي وفاتَهُ في سنة ثنتين وتسعين كما تقدَّم (٥). وما قاله ابنُ جرير أقرب.

قال: وفيها تُوفي سعيدٌ الجَوْهَري.


(١) ترجمته في الأغاني (١٢/ ١٧١)، تاريخ بغداد (٢/ ٨٦)، المنتظم لابن الجوزي (٩/ ٢١٠).
(٢) ترجمته في الأغاني (١٣/ ١٥٧)، تاريخ بغداد (١٣/ ٦٥)، المنتظم لابن الجوزي (٩/ ٢١١).
(٣) ترجمته في تاريخ بغداد (١٤/ ٢٩٦).
(٤) أي الطبري في تاريخه (٥/ ١٣).
(٥) في الصفحة السابقة، موضع الحاشية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>