للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر شهداء أحدٍ، وتعدادهم بأسمائهم وأسماء آبائهم على قبائلهم، كما جرت عادته، فذكر من المهاجرين أربعةً؛ حمزة، ومصعب بن عميرٍ، وعبد اللَّه بن جحشٍ، وشمّاس بن عثمان، ، ومن الأنصار إلى تمام خمسةٍ وستين رجلًا، واستدرك عليه ابن هشامٍ خمسةً آخرين، فصاروا سبعين على قول ابن هشامٍ، ثم سمّى ابن إسحاق من قتل من المشركين، وهم اثنان وعشرون رجلًا، على قبائلهم أيضًا.

قلت: ولم يؤسَر من المشركين سوى أبي عزّة الجمحيّ، كما ذكره الشافعيّ وغيره، وقتله رسول اللَّه صبرًا بين يديه؛ أمر الزُّبيرَ -ويقال: عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح- فضرب عنقه.

فصل فيما تقاول به المؤمنون والكُفَّارُ في وقعة أحدٍ من الأشعار

وإنما نورد شعر الكُفَّار لنذكر جوابها من شعر الإسلام (١) ليكون أبلغ في وقعها من الأسماع والأفهام، وأقطع لشبهة الكفرة (٢) الطّغَام.

قال الإمام محمد بن إسحاق، : وكان مما قيل من الشعر يوم أحدٍ، قول هُبيرة بن أبي وهبٍ المخزوميّ -وهو على دين قومه من قريشٍ-: [من البسيط]

ما بال همّ عَميدٍ بات يطرقني … بالودّ من هندَ إذ تعدو عواديها

باتت تعاتبني هندٌ وتعذلُني … والحرب قد شغلت عنّي مواليها

مهلًا فلا تعذُليني إنّ من خُلُقي … ما قد علمتِ وما إن لستُ أخفيها

مساعفٌ لبني كعبٍ بما كلفوا … حمّال عبءٍ وَأَثْقَالٍ أعانيها

وقد حملت سلاحي فوق مشتَرفٍ … ساطٍ سبوحٍ إذا يجري يُبَاريها

كأنه إذْ جرى عَيرٌ بفدفدةٍ … مكدّمٌ لاحقٌ بالعُون يحميها

من آل أعوج يرتاح النّديُّ له … كجذع شعراء مستعلٍ مراقيها

أعددتُه ورقاق الحدّ منتخلًا … ومارنًا لخطوبٍ قد ألاقيها

هذا وبيضاء مثل النّهي محكمةً … نِيطَتْ عليّ فما تبدو مساويها

سقنا كنانة من أطراف ذي يمنٍ … عرض البلاد على ما كان يزجيها

قالت كنانة: أنّى تذهبون بنا … قلنا: النّخيل، فأمّوها ومن فيها

نحن الفوارس يوم الجرّ (٣) من أُحدٍ … هابت معدٌّ فقلنا نحن نأتيها

هابوا ضرابًا وطعنًا صادقًا خذِمًا … مما يرون وقد ضمّت قواصيها


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ١٢٩).
(٢) في (أ): "الكُفّار" وأثبت لفظ (ط).
(٣) الجرّ: أصل الجبل.