للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم دخلت سنة ستٍّ وسبعين وخمسمائة

فيها: هادن السلطان صلاح الدين الفرنج، وسار إِلى بلاد الروم فأصلح بين ملوكها من بني أرتق وكرّ على بلاد الأرمن، فأهان ملكها (١)، وفتح بعض حصونها (٢)، وأخذ منها غنائم كثيرة جدًا من أواني الذهب والفضة (٣)، لأنه كان قد غدر بقوم من التركمان، أووا (٤) إِلى بلاده، ثم صالحه على مال يحمله إِليه، وأسارى يُطلقهم من أسره، وآخرين يستفكهم (٥) من أيدي الفرنج، ثم عاد السلطان (٦) مؤيَّدًا منصورًا، فدخل حماة في أواخر جمادى الآخرة. وامتدحه الشعراء (٧) على ذلك.

ومات صاحب الموصل سيف الدين غازي (٨) بن مودود، وكان شابًا حسنًا، مليح الشكل، تام القامة، مدوّر اللحية. مكث في الملك عشر سنين، ومات عن ثلاثين سنة. وكان عفيفًا في نفسه، مهيبًا وقورًا، لا يلتفت إِذا ركب، ولا إِذا جلس، غيورًا لا يدع أحدًا من الخدام (٩) الكبار (١٠) يدخل (١١) على النساء، وكان لا يقدم على سفك الدماء. وكان ينسب إِلى شيء من البخل سامحه الله (١٢).

وكانت وفاته في ثالث صفر، وكان قد عزم على أن يجعل (١٣) الملك من بعده لولده عز الدين سنجر شاه (١٤)، فلم يوافقه الأمراء خوفًا من صلاح الدين لصغر سن ولده، فاتفقوا كلهم على أخيه، فأُجلس


(١) ط: فأقام عليها، وفي ب: فأهان عليها.
(٢) أ: حصونها .. وأخذ منها.
(٣) ط: الفضة والذهب.
(٤) ط: فرده.
(٥) ط: يستنقذهم.
(٦) ليس في ط.
(٧) الروضتين (٢/ ١٦ - ١٧).
(٨) ترجمته في ابن الأثير (٩/ ١٥٠) ومرآة الزمان (٨/ ٣٦٣) والروضتين (٢/ ١٧ - ١٨) ووفيات الأعيان (٤/ ٤) والعبر (٤/ ٢٣٠) - بيروت (٣/ ٧٢ - ٧٣).
(٩) ط: الخدم.
(١٠) ليس في أ.
(١١) ب: يدخلون.
(١٢) أ: رحمه الله تعالى.
(١٣) ب: وكان في عزمه يجعل.
(١٤) تولّى سنجر شاه بن غازي بن مودود جزيرة ابن عمر في سنة ٥٧٦ هـ. وكان ظالمًا غشومًا قبيح السيرة حتى مع أقرب الناس إِليه، فقد حبس ابنيه محمودًا ومودودًا في قلعة. وحبس ابنه الثالث غازي في دار في المدينة، وضيّق عليه ولكنه استطاع أن يهرب ويوحي لأبيه بأنه سافر إِلى الموصل، ودخل قصر أبيه خفية وقتله، ووصل الخبر إِلى أخيه =

<<  <  ج: ص:  >  >>