للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد اللَّه بن هَمّام (١) أبو عبد الرحمن الشاعر السلولي أحد الشعراء الفصحاء مدح يزيد بن معاوية بعد أن كان قد هجاه (٢) بقوله:

شَرِبْنا الغيظ حتى لو سُقينا … دماءَ بني أميّةَ ما رَوينا

ولو جاؤوا برملةَ أو بهندٍ … لَبَايعنا أميرَ المؤمنينا

[ثم دخلت سنة ثلات وسبعين]

فيها كان مقتل عبد اللَّه بن الزبير على يدي الحجاج بن يوسف الثقفي المبير قبحه اللَّه وأخزاه.

قال الواقدي (٣): حدثني مصعب بن ثابت عن نافع مولى بني أسد -وكان عالمًا بفتنة ابن الزبير- قال: حصر ابن الزبير ليلة هلال ذي القعد (٤) سنة اثنتين وسبعين وقتل لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، فكان حصر الحجاج له ثمانية (٥) أشهر وسبع عشرة ليلة.

وقد ذكرنا فيما تقدم أن الحجاج حج بالناس في هذه السنة الخارجة، وكان في الحج ابن عمر، وقد كتب عبد الملك إلى الحجاج أن يأتم بابن عمر في المناسك كما ثبت ذلك في الصحيحين (٦)، فلما استهلت هذه السنة استهلت وأهل الشام محاصرون أهل مكة، وقد نصب الحجاج المنجنيق على مكة ليحصر أهلها حتى يخرجوا إلى الأمان والطاعة لعبد الملك وكان مع الحجاج خلق قدموا عليه من أرض الحبشة، فجعلوا يرمون فيصيبوا فقتلوا خلقًا كثيرًا، وكان معه خمسة مجانيق فألح عليها بالرمي من كل وجه، وحبس عنهم الميرة، والماء، فكانوا يشربون من ماء زمزم، وجعلت الحجارة تقع في الكعبة، وجعل الحجاج يصيح بأصحابه: يا أهل الشام اللَّه اللَّه في الطاعة، فكانوا يحملون على ابن الزبير حتى يقال إنهم آخذوه في هذه الشدة (٧)، فيشد عليهم ابن الزبير وليس معه أحد حتى يخرجهم من باب بني


(١) ترجمة - عبد اللَّه بن هَمّام - في الشعر والشعراء (٢/ ٥٤٥ - ٥٤٦) وطبقات الشعراء لابن سلام (٢/ ٦٢٥ - ٦٣٧) والأغاني (٣/ ٣٥٧) ط دار الثقافة، والعقد الفريد (٦/ ١٢٧) وتاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة ٦١ - ٨٠/ ص ٤٧٠) والوافي بالوفيات (١٧/ ٦٦٤) وخزانة الأدب (٣/ ٦٣٨). وقد تحرف في ط إلى: حمام -بالحاء-.
(٢) من قوله: أحد الشعراء. . . إلى هنا ساقط من ط.
(٣) تاريخ الطبري (٦/ ١٨٧).
(٤) في ط: ذي الحجة، وما أثبت يوافق الطبري.
(٥) هذه عبارة الطبري: ثمانية، وبحساب الشهور نجد أن مدة الحصار ستة شهور وسبع عشرة يومًا واللَّه أعلم.
(٦) انظر صحيح البخاري رقم (١٦٦٠) و (١٦٦٢) في الحج من حديث سالم عن ابن عمر. وتوهم المصنف في نسبته إلى الصحيحين، فليس هو في صحيح مسلم، وقد عده العلامة ابن عبد الحق الإشبيلي من أفراد البخاري، كما في الجمع بين الصحيحين له (٢/ ٢٤٣) (بشار).
(٧) في أ: حتى يقال قد اشتملوا عليه.