للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب ذكر (١) جَماعَة من أنبياء بني إسرائيل بعد موسى

ثم نتبعهم بذكر داود وسليمان .

قال ابن جرير في "تاريخه": لا خلافَ بينَ أهلِ العلم بأخبار الماضين وأمور السالفين من أمتنا وغيرهم أن القيِّم (٢) بأمور بني إسرائيل بعد يوشع كان كالب بن يوفنا (٣) -يعني أحد أصحاب موسى وهو زوج أخته مريم، وهو أحد الرجلين اللذين ممن يخافون الله، وهما يوشع وكالب، وهما القائلان لبني إسرائيل حين نكلوا عن الجهاد: ﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة ٢٣] قال ابن جرير (٤): ثمّ من بعده كان القائم بأمور بني إسرائيل حِزْقيل بن بوذي، وهو الذي دعا الله فأحيا الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت.

* * *

[قصة حزقيل]

قال الله تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ [سورة البقرة: ٢٤٣].

قال محمد بن إسحاق عن وهب بن مُنَبّه: إن كالب بن يوفنا لما قبضه الله إليه بعد يوشع خلف في بني إسرائيل حِزقيل بن بوذي، وهو ابن العجوز، وهو الذي دعا للقوم الذين ذكرهم الله في كتابه -فيما بلغنا- ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ﴾ قال ابن إسحاق: فروا من الوباء، فنزلوا بصعيد من الأرض ففال لهم الله: موتوا، فماتوا جميعًا، فحظروا عليهم حظيرة دون السباع فمضت عليهم دهور طويلة، فمر بهم حزقيل فوقف عليهم متفكرًا، فقيل له: أتحب أن يبعثهم الله وأنت تنظر؟ فقال: نعم. فأُمِر أن يدعو تلك العظام أن تكتسي لحمًا، وأَن يتصل العصبُ بعضه ببعض، فناداهم عن أمر الله له بذلك، فقام القوم أجمعون وكبّروا تكبيرة رجلٍ واحدٍ (٥).


(١) قوله: باب - ذكر، ليس في ب، و ط.
(٢) في ط: القائم، وهو لا يوافق نص الطبري.
(٣) تاريخ الطبري (١/ ٤٥٧).
(٤) المصدر السابق (١/ ٤٥٧).
(٥) اختصر ابن كثير هنا فأخل بمضمونه وقد ذكره الطبري مفصلًا في تاريخه (١/ ٤٥٧ - ٤٥٨) وتفسيره أيضًا (٥/ ٤٦٨).