للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنوار (١)، وانْشَقَّتْ بنفحاتِ أنفاسه جيوب الأزهار (٢)، ونطقت أجزاءُ الكائناتِ بلغات صفاتها، وعادات عِبَرها: أيها النائمون (٣) تيقظوا، أيها المبعدون (٤) تعرضوا ﴿فَانْظُرْ (٥) إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الروم: ٥٠].

أبو الفتح نصر الله بن هبة الله (٦) بن عبد الباقي بن هبة الله بن الحسين بن يحيى بن بُزاقة (٧) الغِفاري الكِناني المصري ثم الدمشقي.

كان من أخِصّاءِ الملك المُعظَّم، وولدِه الناصرِ داود، وقد سافر معه إِلى بغداد في سنة ثلاثٍ وثلاثين وستمئة، وكان أديبًا مليحَ المحاضرة رحمه الله تعالى. ومن شعره قوله (٨): [من الطويل]

وَلَمّا أَبيتمْ سادتي عن زيارتي … وعَوَّضْتُموني بالبعادِ عن القُرْبِ

ولم تَسْمحوا بالوصل في حال يَقْظتي … ولم يصطبرْ عنكمْ لرقّتهِ قَلبي

نصبتُ لصيْدِ الطَّيفِ جَفْني حبالة (٩) … فأدركتُ خَفْضَ العيشِ بالنَّوْمِ والنَّصْبِ (١٠)

[ثم دخلت سنة إحدى وخمسين وستمئة]

فيها: دخل الشيخُ نجمُ الدين البادَرائي (١١) رسولُ الخليفة بين (١٢) صاحب مصر وصاحب الشام، وأصلح بين الجيشين، وكانوا قد اشتدت (١٣) الحربُ بينهم ونشبت، وقد مَالأَ الجيشُ المصري الفرنج ووعدوهم (١٤) أن يسلموا إِليهم بيتَ المقدس إِن نصروهم على الشاميّين، وجرتْ خطوبٌ كثيرةٌ، فاصلحَ


(١) ب: الأغوار، تحريف والأنوار - هنا - جمع نَوْر وهو الزهر. اللسان (نور).
(٢) أ، ب: الأزاهير.
(٣) ب: أيها الهائمون.
(٤) أ، ب: أيها المستعدّون.
(٥) أ، ب: فانظروا.
(٦) ترجمة - ابن بصاقة - في تاريخ الإسلام (١٤/ ٦٤٥) والطالع السعيد (٦٧٦) وفوات الوفيات (٤/ ١٨٧ - ١٩٢) والجواهر المضية (٣/ ٥٥٢) وحسن المحاضرة (١/ ٥٦٧) وشذرات الذهب (٧/ ٤٣٥) والأعلام (٨/ ٣٥٤).
(٧) في ط: صاقعة؛ تحريف. وفي مصادره: بُصاقة.
(٨) عن ط وحدها.
(٩) أ: نومي حباله، ب: نومي حياله.
(١٠) أ، ب: بالنوم بالنصب.
(١١) سترد وفاته في حوادث سنة ٦٥٥ هـ من هذا الجزء إِن شاء الله تعالى.
(١٢) أ، ب: من.
(١٣) ط: قد اشتدّ الحرب.
(١٤) ط: ووعدهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>