للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتتلمذ للشيخ شهاب الدين السهروردي (١)، وكان حسن الطريقة، له يد في التفسير على طريقة (٢) التصوف، وفيه لطافة، ومن كلامه في الوعظ:

العالمُ كالذَّرَّةِ في فَضَاءِ عَظَمَتِهِ، والذَّرةُ كالعالِمِ في كتابِ حكمته. الأصولُ فروعٌ إِذا تَجَلَّى جمالُ أَوَّليَّته، والفروعُ أصولٌ إِذا طلعتْ من مغربِ نفي الوسائط شمس آخريّته، أستارُ الليلِ مسدولةٌ، وشموعُ الكواكب مشعولةٌ، وأعينُ الرُّقباءِ عن المُشتاقين مَشْغولة، وحجابُ الحُجُبِ عن أبوابِ الوصل [مَطْرودَةٌ]، معزولة، ما هذه الوقفة (٣) والحبيب قد فتحَ البابَ؟ ما هذه الفترة والمولى قد صَرَفَ (٤) حاجب الحجّاب؟ [من الطويل]

وقوفي بأكْنافِ العَقيقِ عُقوقُ … إِذا لم أَرِدْ والدمعُ فيه عَقيقُ

إِذا (٥) لم أَمُتْ شَوْقًا إِلى ساكِنِ الحِمَى … فما أنا فيما أدَّعيه صَدوقُ

أيا رَبْعَ لَيْلَى ما المُحِبّونَ في الهَوَى … سواءٌ (٦)، ولا كُلُّ الشَّرابِ رَحيقُ

ولا كُلُّ مَنْ تلقاهُ (٧) يلقاكَ قَلْبُهُ … ولا كُلُّ مَنْ يَحْنو إِلَيْكَ مَشُوقُ

تكاثرت الدَّعْوَى على الحبِّ فاستوى … أسيرُ صَباباتِ الهَوى وطَليقُ

أيها الآمنون، هل فيكم من يصعدُ إِلى السماء؟ أيها المحبوسون في مطامير مسمياتهم، هل فيكم سليمًا في الفهم يفهم رموز الوحوش (٨) والأطيار؟ هل فيكم مُوسَويّ الشوقِ يقولُ بلسان شوقهِ؛ أرني أنظرْ إِليك، فقد طالَ الانتظار؟ ولما استسقى الناس قال بعد الاستسقاء: لمّا صَعِدَتْ إِلى الله ﷿ نفسُ المشتاقِ بَكَتْ آماقُ الآفاقِ، وجادَتْ بالدرّ مُرْضعة السّحاب، وامتص (٩) لبَن الرَّحمة رضيعُ الترابِ وخرجَ من أخلافِ الغمامِ نِطافُ الماءِ النَّمير، فاهتزَّتْ به الهامدةُ، وقرَّتْ عيونُ الغدير (١٠)، وتَزَيَّنَتِ الرياض بالسندس الأخضر، فحَبَّرَ الصبغُ حِبَرَها أحسن تَحْبير، وانفتق (١١) بأنملة الصبا أكمام


(١) أ، ب: الشهرزوري؛ تحريف وقد تقدّمت ترجمة الشهاب السهروردي في وفيات سنة ٦٣٠ هـ ووفيات سنة ٦٣٢ هـ.
(٢) أ: شهاب الشهرزوري فانتفع به وتكلم بعده على الناس في التصوف. وقد سقطت العبارة الأخيرة من ب.
(٣) ط: ما هذه الوقعة.
(٤) ط: قد خرق.
(٥) ط: وإِذ لم.
(٦) أ: سوى.
(٧) أ، ب: يلقاك يلقاك قلبه.
(٨) أ: فيكم سليمان الفهم لفهم رموز الوحوش، وط: هل فيكم سليم في الفهم يفهم رموز.
(٩) أ، ب: فامتص.
(١٠) ط: عيون المدر.
(١١) ط: وانفلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>