للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكرمًا على تقدمة ألف ووظائف هناك، فلمَّا كان يوم الخميس السابع والعشرين منه لم يفجأ النَّاسَ إلا وقد دخل القلعة المنصورة معتقلًا مضيّقًا عليه، فتعخب الناس من هذه الترحة من تلك الفرحة فما شاء اللَّه كان.

وفي يوم الأربعاء رابع ربيع الأول عقد مجلس بسبب الحاجب بالمشهد من الجامع.

وفي يوم الخميس أحضر الحاجب من القلعة إلى دار الحديث، واجتمع القضاة هناك بسبب دعاوى يطلبون منه حق بعضهم، ثم لما كان يوم الإثنين تاسعه قدم الديار المصرية مقدم البريدية بطلب الحاجب المذكور، فأخرج من القلعة السلطانية وجاء إلى نائب السلطنة فقبَّلَ قدمه، ثم خرج إلى منزله وركب من يومه قاصدًا إلى الديار المصرية مكرَّمًا، وخرج بين يديه خلق من العوام والحرافيش يدعون له، وهذا أغرب ما أُرِّخَ، فهذا الرجل نالته شدة عظيمة بسبب سجنه بصرخد، ثم أُفرج عنه ثم حبس في قلعة دمشق ثم أفرج عنه، وذلك كله في نحو شهر (١).

ثم جاءت الأخبار في يوم الأحد ثاني عَشَرَ جُمادى الأولى بعزل نائب السلطنة عن دمشق فلم يركب في الموكب يوم الإثنين، ولا حضر في دار العدل، ثم تحفقت الأخبارُ بذلك وبذهابه إلى نيابة حلب، ومجيء نائب حلب (٢) إلى دمشقَ، فتأسَّفَ كثيرٌ من الناس عليه لديانته وجُوبٍ وحُسن معاملته لأهل العلم، ولكنَّ حاشيته لا ينفِّذون أوامره، فتولّد بسبب ذلك فسادٌ عريض، وحموا كثيرًا من البلاد، فوقعت الحروب بين أهلها بسبب ذلك، وهاجت العشيرات فإنا للَّه وإنا إليه راجعون.

وفي صبيحة يوم السبت الخامس والعشرين خرج الأمير علي المارداني من دمشق في طلبه مستعجلًا في أُبَّهة النيابة، قاصدًا إلى حلب المحروسة، وقد ضربَ وطاقه بوَطْأة بَرْزَة، فخرج الناس للتفرُّج على طلبه.

وفي هذا اليوم بعد خروج النائب بقليل دخل الأمير سيف الدين طَيْدَمُر الحاجب من الديار المصرية عائدًا إلى وظيفة الحجوبية في أُبَّهة عظيمة، وتلقَّاه الناس بالشموع، ودعَوْا له، ثم ركب من يومه إلى خدمة ملك الأمراء إلى وَطْأة بَرْزَة، فقبَّل يدَهُ وخلع عليه الأمراء، واصطلحا، انتهى واللَّه أعلم.

[دخول نائب السلطنة منجك إلى دمشق]

كان ذلك في صبيحة يوم الخميس الرابع والعشرين من جُمادى الآخرة من ناحية حلب وبين يديه الأمراء والجيش على العادة، وأُوقدت الشموع وخرج الناس ومنهم من بات على الأسطحة وكان يومًا هائلًا (٣).


(١) الذيل للحسيني ص (٣١٩).
(٢) هو: مَنْجك اليوسفي.
(٣) الذيل للحسيني ص (٣١٩) وفيه: فدخلها يوم الخميس رابع عشر جمادى الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>