للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفعاله، بلغه إلى مقام الأولياء من عباده. قال: فجعلْتُ هذه الكلمات أمامي، ففي كُلِّ وقتٍ أذكرها وأطالبُ نفسي بها (١).

والصحيح أنَّه توفي في هذه السنة، وقيل: في سنة ثلاثين ومئتين، وقيل غير ذلك.

[ثم دخلت سنة سبع وأربعين ومئتين]

في شوال منها كان مقتل الخليفة المتوكِّلِ على اللَّه على يدي ولده المنتصِر، وكان سبب ذلك أنَّه أمر ابنه أبا عبد اللَّه المعتز، الذي هو وليُّ العهد من بعده، أن يخطبَ بالناس في يوم جمعةٍ، فأدَّاها أداءً عظيمًا بليغًا، فبلغ ذلك من المنتصر كلَّ مبلغ، وحنِقَ على أبيه وأخيه، ثم اتفق أن أحضره أبوه بين يديه فأهانه، وأمر بضربه في رأسه وصَفَعَه، وصرَّح بعزله عن ولاية العهد، فاشتد أيضًا حَنَقُه أكثرَ ممَّا كان.

فلمَّا كان يوم عيد الفطر خطب الخليفة المتوكل على اللَّه بالناس، وعنده بعضُ التشكّي من علَّةٍ به، ثم عدل إلى خيامٍ قد ضُربت له، أربعة أميال في مثلها، فنزل هناك، ثم استدعى في يوم ثالث الشهر بندمائه، وكان على عادته في سَمَرِه وحضرته وشربه، ثم تمالأ ولدُه المنتصِرُ وجماعةٌ من الأمراء على الفَتْكِ به، فدخلوا عليه ليلة الأربعاء لأربع خلون من شوال (٢)، [ويقال: من شعبان] (٣) من هذه السنة، وهو على السِّماط، فابتدروه بالسيوف فقتلوه، ثم ولّوا بعده ولده المنتصر، على ما سنذكره.

وهذه ترجمة المتوكِّل على اللَّه (٤) جعفر بن المعتصم بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور عبد اللَّه بن محمد بن علي بن عبد اللَّه بن العباس، أبو الفضل، المتوكِّل، وأمُّه أمُّ ولدٍ يقال لها: شجاع، وكانت من سَرَوات النّساء سخاءً وحزمًا. كان مولده بفَمِ الصلح سنة سبع ومئتين (٥)، وبويع له بالخلافة بعد أخيه الواثق في يوم الأربعاء لستٍّ بقين من ذي الحجّة سنة ثنتين وثلاثين ومئتين، كما تقدَّم.

وروى الخطيبُ (٦) من طريقه عن يحيى بن أكثم، عن محمد بن عبد الوهاب، عن سفيان، عن الأعمش، عن موسى بن عبد اللَّه بن يزيد، عن عبد الرحمن بن هلال، عن جرير بن عبد اللَّه،


(١) مختصر تاريخ ابن عساكر (٣/ ١٤٥).
(٢) في النسخ: من شعبان، والمثبت من ط والطبري.
(٣) زيادة من ط، وفي أ: ويقال من شوال، وهي ساقطة في ب، ظا.
(٤) تاريخ الطبري (٩/ ٢٢٢ - ٢٣٤)، تاريخ بغداد (٧/ ١٦٥)، وفيات الأعيان (١/ ٣٥٠)، الكامل لابن الأثير (٧/ ٩٥) وما بعدها، سير أعلام النبلاء (١٢/ ٣٠)، تاريخ الخلفاء (٣٥٢ - ٣٦٤).
(٥) وقيل: سنة خمس ومئتين.
(٦) تاريخ بغداد (٧/ ١٦٦)، مختصر ابن عساكر (٦/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>