للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محدق بالأرضين والبحار كأطناب الفسطاط (١).

وقد زعم بعض من ينتسب إلى علم الهيئة أنَّ الكرسي عبارة عن الفلك الثامن الذي يُسَمُّونه فلك الكواكب الثوابت. وفيما زعموه نظر؛ لأنه قد ثبت أنَّه أعظم من السماوات السبع بشيء كثير كما ورد [في] (٢) الحديث المتقدم بأنَّ نسبتها إليه كنسبة حلقة ملقاة بأرض فلاة، وهذا ليس نسبة فلك إلى فلك. فإن قال قائلُهم: فنحن نعترف بذلك، ونسمّيه مع ذلك فلكًا، فنقول: الكرسي ليس في اللغة عبارة عن الفلك، وإنَّما هو -كما قال غير واحد من السلف-: بين يدي العرش كالمرقاة إليه. ومثل هذا لا يكون فلكًا. وزعمهم (٣) أنَّ الكواكب الثوابت مرصَّعة، لا دليل لهم عليه. هذا مع اختلافهم في ذلك أيضًا، كما هو مقرر في كتبهم. واللَّه أعلم.

* * *

ذِكرُ اللَّوْح المحفُوْظ

قال الحافظ أبو القاسم الطبراني (٤): حدَّثنا محمد بن عثمان (٥) بن أبي شَيبة، حدَّثنا مِنْجاب بن الحارث، حدَّثنا إبراهيم بن يوسف، حدَّثنا زياد بن عبد اللَّه، عن ليث، عن عبد الملك بن سعيد (٦) بن جبير [عن أبيه] (٧)، عن ابن عباس أنَّ نبي اللَّه قال: "إنَّ اللَّهَ خَلَقَ لَوْحًا مَحْفوظًا منْ دُرَّةٍ بَيْضاءَ صَفحاتُها منْ يَاقُوتةٍ حَمْراءَ، قَلَمُهُ نُوْرٌ، وكِتَابُهُ نُوْرٌ، للَّهِ فِيْهِ في كُلِّ يَوْمٍ سِتونَ وَثَلاثُ مئة لحظة (٨) يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ وَيُميتُ وَيُحْيي وَيُعزُّ وَيُذلُّ وَيَفْعلُ ما يَشَاءُ" (٩).

وقال إسحاق بن بشر: أخبرني مُقاتل وابنُ جُرَيْج عن مجاهد، عن ابن عباس قال: إنَّ في صَدْر اللَّوْح: لا إلهَ إلا اللَّهُ وحْدَهُ (١٠)، دِيْنُهُ الإسْلام، ومُحمَّدٌ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَمنْ آمَنَ باللَّهِ وَصَدَّقَ بِوَعْدِهِ


(١) "الأطناب": مفردها طُنْبٌ، وهو حبل تشد به الخيمة إلى الأرض، والفُسطاط: بيت من شعر.
(٢) زيادة من ب.
(٣) في ب: وزعم.
(٤) المعجم الكبير (١٢٥١١).
(٥) في أ: سليمان، خطأ ظاهر.
(٦) في ب: جي.
(٧) زيادة من ب والمطبوع، والمعجم الكبير الذي ينقل منه المصنف.
(٨) في أ، ط: "نظرة"، وما هنا من ب، وهو الموافق للمصدر الذي ينقل منه وهو المعجم الكبير للطبراني.
(٩) إسناده ضعيف، محمد بن عثمان ضعيف، وليث هو ابن أبي سليم ضعيف أيضًا.
(١٠) في ب: اللوح المحفوظ. . . وحده لا شريك له. . .