للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فشقَّ ذلك عليّ، ما عندي شيءٌ أزيدُه، قال: فكأني تثاقلتُ، فقال: "اذهب فادعُ لي ثلاثينَ من أشراف الأنصار" فدعوتُهم، فجاؤُوا، فقال: "اطعَمُوا" فأكلوا حتى صدروا، ثم شهدوا أنه رسولُ اللّه، ثم بايعوه قبل أن يخرجوا، ثم قال: "اذهب فادعُ لي ستينَ من أشراف الأنصار" قال أبو أيوب: فواللّه لأنا بالستين أجود مني بالثلاثين، قال: فدعوتُهم، فقال رسولُ الله : "تربعوا" فأكلوا حتى صَدَرُوا ثم شَهِدوا أنه رسولُ اللّه وبايعوه قبل أن يخرجوا، قال: "فاذهب فادعُ لي تسعين من الأنصار "قال: فلأنا أجود بالتسعين والستين مني بالثلاثين، قال: فدعوتُهم فأكلوا حتى صَدَروا ثم شهدوا أنه رسولُ اللّه وبايعوه قبل أن يخرجوا، قال: فأكل من طعامي ذلك مئة وثمانون رجلًا كلُّهم من الأنصار.

وهذا حديث غريب جدًا إسنادًا (١) ومتنًا.

وقد رواه البيهقيُّ (٢) من حديث محمد بن أبي بكر المقدمي، عن عبد الأعلى، به.

[قصة أخرى في تكثير الطعام في بيت فاطمة]

قال الحافظ أبو يعلى: حَدَّثَنَا سهل بن الحنظلية، حَدَّثَنَا عبد اللّه بن صالح، حدَّثني ابن لهيعة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر: أن رسولَ اللّه أقامَ أيامًا لم يَطعَم طعامًا حتى شقَّ عليه، فطافَ في منازل أزواجه فلم يُصِب عندَ واحدة منهنّ شيئًا، فأتى فاطمةَ فقال: "يا بنيّة، هل عندك شيء آكله فإني جائع؟ " فقالت: لا واللّه بأبي أنت وأمي، فلما خرجَ من عندها رسولُ اللّه بعثت إليها جارةٌ لها برغيفين وقطعة لحم، فأخذته منها فوضَعته في جَفنةٍ لها وغطَّت عليها، وقالت: واللّه لأُوثرنَّ بهذا رسولَ اللّه على نفسي ومن عندي، وكانوا جميعًا مُحتاجين إلى شبعةِ طعام، فبعثت حسنًا -أو حُسينًا- إلى رسول اللّه فرجعَ إليها، فقالت له: بأبي أنت وأمي قد أتى اللّه بشيء فخبَّأته لك، قال: "هلمّي يا بنية" فكشفت عن الجفنةِ فإذا هي مملوءةٌ خبزًا ولحمًا، فلما نظرت إليها بُهتت وعرفت أنها بركة من اللّه، فحمدتِ اللّه وصلَّت على نبيه وقدَّمته إلى رسول اللّه، فلما رآه حَمِدَ اللّه وقال: "من أين لك هذا يا بنية؟ "قالت: يا أبتِ هو من عند اللّه، إن اللّه يرزقُ من يشاءُ بغير حساب، فحَمِد اللّه وقال: "الحمد للّه الذي جعلك يا بنيَّة شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل، فإنها كانت إذا رزقَها اللّه شيئًا فسُئلت عنه، قالت: هو من عند اللّه، إن اللّه يرزقُ مَن يشاءُ بغير حساب" فبعثَ رسولُ اللّه إلى عليّ، ثم أكلَ رسولُ اللّه وعليٌّ وفاطمةُ وحسنٌ وحُسين، وجميعُ أزواج رسولِ اللّه ، وأهلُ بيته جميعًا حتى


(١) دلائل النبوة للفريابي (ص ٢٨).
(٢) دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ٩٤) وإسناده ضعيف أيضًا.