للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حَنيفة. قال سفيانُ بن عُيَيْنة: ثم تَرَك داودُ طلَبَ الفقه، وأقبلَ على العِبَادَةِ، ودَفَن كُتبَه.

قال عبدُ اللَّه بن المبارك: وهل الأمر إلَّا ما كان عليه داودُ الطائي؟.

قال ابنُ مَعين: كان ثقةً، وفد على المهدي ببغداد، ثم عاد إلى الكوفة.

ذكرَهُ الخطيب البغدادي وقال: مات في سنة ستين ومئة؛ وقيل: سنة خمسٍ وستين ومئة (١).

قلتُ: وقد ذكرَ شيخُنا الذهبي في تاريخه أنَّهُ تُوفي في هذه السنة - أعني سنةَ ثنتين وستين ومئة. فاللَّه أعلم.

[ثم دخلت سنة ثلاث وستين ومئة]

فيها حُصر المقنَّع الزِّنْديق الذي كان قد نَبَغَ بخُرَاسان، وقال بالتناسُخ، واتَّبَعهُ على جَهَالَتِهِ وضلالتِهِ خَلْقٌ من الطَّغَام، وسُفَهاءَ الأنام، والسِّفْلَةِ من العَوَام؛ فلما كان في هذا العام، لَجَأ إلى قلعةِ كَشّ (٢)، فحاصَرَهُ سعيدٌ الحَرَشِيّ (٣) فألَحَّ عليه في الحصار، فلمَّا أحسنَ بالغَلَبة تَحَسَّى سُقًا، وسمَّ نساءَهُ فماتوا جميعًا؛ عليهم لعائنُ اللَّه. ودخل الجيشُ الإسلامي قلعتَه، فاحتزُّوا رأسَه، وبَعثُوهُ إلى المهدي؛ وكان المهديُّ بحلب.

قال ابنُ خَلِّكَان (٤): كان اسمُ المقنَّع عَطاء، وقيل: حَكيم، والأول أشهر. وكان أولًا قَصَّارًا [من أهل مَرْو، وكان يعرفُ شيئًا من السِّحْر والنِّيرَجَاتْ (٥)]، ثم ادَّعى الرُّبوبيَّةَ مع أنه كان أعوَرَ قبيحَ المنظر،


= سير أعلام النبلاء (٧/ ٤٢٢)، الوافي (١٣/ ٤٩٥)، طبقات ابن الملقن ص (٢٠٠)، تهذيب التهذيب (٣/ ٢٠٣)، طبقات الشعراني (١/ ٧٦)، شذرات الذهب (١/ ٢٥٦).
(١) في (ح، ق): سنة ست وخمسين ومئة، والمثبت من (ب) وتاريخ بغداد للخطيب (٨/ ٣٥٤).
(٢) كَشّ -بالفتح ثم التشديد-: قرية على ثلاثةِ فراسخَ من جُرْجانَ على جَبَل. وتقال "قلعة كس" بالسين، وتُسمَّى أيضًا "قلعة سَنَاما" كما سيأتي. معجم البلدان (٤/ ٤٦٢، و ٣/ ١٩١). وقال ابنُ خَلِّكان في وفيات الأعيان (٣/ ٢٦٤): ولم أر أحدًا ذكر هذه القلعة وأين هي حتى أذكرها، ثم رأيت في كتاب الشهاب ياقوت الحموي الذي وضعه في معرفة المواضع المشتركة، فقال في باب "سَنَام" بفتح السين: إنها أربعة مواضع، والموضع الرابع منها سنام، قلعة عمرها المقنَّع الخارجي بما وراء النهر. اهـ. وفيان الأعيان ج: ٣ ص: (٢٦٥). واللَّه أعلم والظاهر أنها هذه القلعة ثم وجدت في أخبار خراسان أنها هي وأنها من رستاق كش واللَّه أعلم.
(٣) في (ح، ق): الحريثي، وهو تصحيف، والمثبت من (ب) وتاريخ الطبري (٤/ ٥٦٦).
(٤) في ترجمته في وفيات الأعيان (٣/ ٢٦٣)، وما سيأتي بين معقوفين منه.
(٥) "النِّيرجات، واحدُها نِيرَج": أُخذ تُشْبهُ السِّحْرَ وليستْ بحقيقته، ولا كالسِّحْر، إنما هو تشيهٌ وتَلْبيس. لسان العرب (نرج).

<<  <  ج: ص:  >  >>