للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة حَصَّت (١) كلَّ شيء حتى أكلوا العظام والكلاب والعِلْهز، ثم أتى أبو سفيان يَشفع عنده في أن يدعوَ اللّه لهم، فدعا لهم، فرُفِعَ ذلك عنهم.

وقد قال البخاري: حَدَّثَنَا الحسن بن محمد، حَدَّثَنَا محمد بن عبد اللّه الأنصاري، حَدَّثَنَا أبي عبد اللّه بن المثنى، عن ثمامة بن عبد اللّه بن أنس، عن أنس بن مالك؛ أن عمر بن الخطاب كان إذا قُحطوا استسقى بالعباس، وقال: اللهم إنا كُنّا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيُسقون (٢). تفرد به البخاري.

[فصل وأما المعجزات الأرضية]

فمنها ما هو متعلّق بالجمادات، ومنها ما هو متعلّق بالحيوانات، فمن المتعلّق بالجمادات: تكثيرُه الماءَ في غير ما موطن على صفات متنوعة سنوردُها بأسانيدها إن شاء اللّه، وبدأنا بذلك لأنه أنسبُ باتّباع ما أسلفنا ذكرَه من استسقائه وإجابة اللّه له.

قال البخاريّ (٣) حَدَّثَنَا عبد اللّه بن مسلمة، عن مالك، عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: رأيتُ رسولَ اللّه وحانت صلاةُ العصرِ، والتمسَ النَّاسُ الوضوءَ فلم يجدوه، فأتى رسولُ اللّه بوضوء، فوضع رسول اللّه يدَه في ذلك الإناء، فأمرَ النَّاسَ أن يتوضؤوا منه، فرأيت الماءَ ينبعُ من تحت أصابعه، فتوضأ النَّاسُ حتى توضؤوا من عند آخرهم.

وقد رواه مسلم والترمذي والنسائي (٤)، من طرق، عن مالك، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. طريق أخرى عن أنس: قال الإمام أحمد (٥): حَدَّثَنَا يونس بن محمد، حَدَّثَنَا حزم، سمعت الحسن يقول: حَدَّثَنَا أنس بن مالك: أن رسول اللّه خرجَ ذاتَ يوم لبعضِ مخارجه معه ناس من أصحابه، فانطلقوا تسيرون، فحضرت الصلاة، فلم يجد القومُ ماءً يتوضؤون به، فقالوا: يا رسول اللّه! ما نجدُ ما نتوضأ به ورأى في وجوه أصحابه كراهيةَ ذلك، فانطلقَ رجلٌ من القوم فجاء بقدح من ماء يسير،


(١) "حصَّت": أتلفت.
(٢) رواه البخاري في صحيحه رقم (١٠١٠) في الاستسقاء.
(٣) رواه البخاري في صحيحه رقم (١٦٩) في الوضوء.
(٤) رواه مسلم رقم (٢٢٧٩) في الفضائل وفي الطهارة، والنسائي في سننه (١/ ٦٠) في الطهارة، والترمذي في الجامع رقم (٣٦٣١) في المناقب.
(٥) في المسند (٣/ ٢١٦).