للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا إسناد ضعيفٌ لحال إسحاق بن بشر فإنه مُنكَر الحديث، ولاسيما وقد خالف الروايات الصحاح (١).

وقد كان له من أمور المُلك واتِّساع الدولة وكثرة الجنود وتنوُّعها مالم يكن لأحدٍ قبلَه ولا يعطيه الله أحداً بعده، كما قال: ﴿وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ وقال: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾.

وقد أعطاه الله ذلك بنص الصَّادق المصدوق.

ولما ذكر تعالى ما أنعم به عليه وأسداه من النعم الكاملة العظيمة إليه قال: ﴿هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَاب﴾ أي: أعط من شِئت، واحرم من شئت، فلا حساب عليك، أي: تصزَّف في المال كيف شئت، فإن الله قد سوَّغ لك كل ما تفعله من ذلك، ولا يحاسبك على ذلك. وهذا شأن النبي المَلِك، بخلاف العبد الرسول، فإنّ مِنْ شأنه أن لا يُعطي أحداً، ولا يمنع أحداً إلا بإذن الله له في ذلك. وقد خُيَّر نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه بين هذين المقامين، فاختار أن يكون عبداً رسولًا. وفي بعض الروايات أنه استشار جبريل في ذلك فأشار إليه: أن تواضع، فاختار أن يكون عبداً رسولًا صلوات الله وسلامه عليه. وقد جعل الله الخِلافة والمُلْك من بعده في أمته إلى يوم القيامة، فلا تزال طائفة من أمته ظاهرين حتى تقوم الساعة. فلله الحمد والمِنَّة.

ولما ذكر تعالى ما وهبه لنبيه سليمان من خير الدنيا، نَبَّه على ما أعدَّه له في الآخرة من الثواب الجزيل والأجر الجميل، والقربة التي تقرَّبه إليه والفوز العظيم والإكرام بين يديه، وذلك يوم المعاد والحساب حيث يقول تعالى: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾.

ذكر وَفاته وكم كانت مدّة ملكه وحياته (٢)

قال الله : ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (١٤)[سبأ: ١٤].

روى ابن جرير، وابن أبي حاتم وغيرهما من حديث إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن السائب (٣) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي قال: "كانَ سُلَيمانُ نَبِيُّ اللهِ إذا صَلَّى رَأَى شَجَرَةً


(١) ترجمته وما قيل فيه في المجروحين، لابن حبان (١/ ١٣٥ - ١٣٧).
(٢) في ط: وفاته ومدة ملكه وحياته.
(٣) في ب: عن عطاء بن السائب عن أبي هريرة قال …