للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشرعوا في التأهُّب لقتال المسلمين، وكانوا يركبون على إبل شبيهة بالهُجُنِ، زَعِرة (١) جدًا، كثيرة النِّفار، لا تكاد ترى شيئًا [ولا تسمع شيئًا] (٢) إلا جفلت منه.

فلما كان يوم الحرب عمد الأميرُ إلى جميعِ الأجراس التي معهم في الجيش فجعلَها في رقاب الخيل، فلمَّا كانت الوقعة حمل المسلمون حملةَ رجلٍ واحدٍ (٣)، ونفرت إبلهم من أصوات تلك الأجراس في كلِّ وجهٍ، وتفرَّقوا شذَر مذَرَ، وأتبعهم المسلمون يقتلون من شاؤوا، لا يمتنع منهم أحد، فلا يعلم عدد من قتلوا منهم إلا اللَّه ﷿. ثم أصبحوا وقد اجتمعوا رجَّالة فكبسهم القُمِّيّ من حيث لا يشعرون، فقتل عامَّة مَن بقي، وأخذ الملِكَ بالأمان، وأدَّى ما كان عليه من الحمل، وأخذه معه أسيرًا إلى الخليفة.

وكانت هذه الوقعة في أوَّل يوم من هذه السنة، وكان وصوله إلى الخليفة في أواخر هذه السنة، فولاه الخليفة على بلاده كما كان، وجعل إلى ابن القُمِّيّ أمْرَ تلك الناحية، والنَّظَر في أمرها، وللَّه الحمدُ والمنة.

قال ابن جرير (٤): ومات في هذه السنة يعقوب بن إبراهيم المعروف بقَوْصَرَة في جمادى الآخرة.

قلت: وهذا الرجل كان نائبًا على الديار المصرية من جهة المتوكل على اللَّه.

قال (٥): وحجَّ بالناس في هذه السنة عبد اللَّه بن محمد بن داود، وحجَّ جعفر بن دينار فيها، وهو والي طريق مكة وأحداث الموسم.

ولم يتعرَّض ابنُ جرير لوفاةِ أحدٍ من المحدّثين في هذه السنة.

[وقد توفي فيها من الأعيان]

الإمام أحمد بن حنبل.

وجُبَارة بن المُغَلِّس الحِمَّانيّ (٦).

وأبو تَوْبَة الحَلبي (٧).


(١) "الهِجان من الإبل": البيضاء الخالصة اللون، من نوق هُجُن. و"زَعِرة": قليلة الشعر.
(٢) زيادة من ط.
(٣) بعدها في ب، ظا: وهرب السودان فرار رجل واحد.
(٤) تاريخ الطبري (٩/ ٢٠٦).
(٥) المصدر السابق.
(٦) أبو محمد الحِمّاني، الكوفي، الشيخ المعمَّر المحدّث، قال البخاري: حديثه مضطرب. سير أعلام النبلاء (١١/ ١٥٠)، وتهذيب الكمال (٤/ ٤٨٩).
(٧) واسمه الربيع بن نافع، نزيل طَرَسوس، ثقة، حافظ، سمع معاوية بن سلام وشريكًا القاضي والكبار. وهو من أبناء التسعين. سير أعلام النبلاء (١٠/ ٦٥٣)، والعبر (١/ ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>