للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيمن شهد العقبة، وشهد أحدًا والخندق وما بعد ذلك، وتأخَّر موته بالشام إلى سنة ثمانين على المشهور، وقيل: توفَّي سنة أربع وخمسين (١)، والله أعلم.

وقد فرَّق عليُّ بن المديني، وخليفة بن خيَّاط بينه وبين عبد الله بن أنيس أبي عيسى الأنصاريِّ (٢)، الذي روى عن النبيِّ أنه دعا يوم أحد بإداوة فيها ماء، فخنث فمها وشرب منها، كما رواه أبو داود والترمذيُّ (٣)، من طريق عبد الله العمريِّ، عن عيسى بن عبد الله بن أنيس، عن أبيه. ثم قال الترمذيُّ: وليس إسناده يصحُّ، وعبد الله العمريُّ ضعيف من قبل حفظه.

* * *

قصة عمرو بن العاص مع النجاشي وإسلامه (٤)

قال محمد بن إسحاق (٥)، بعد مقتل أبي رافع: وحدَّثني يزيد بن أبي حبيب، عن راشد (٦) مولى حبيب بن أبي أوس الثَّقفيِّ، عن حبيب بن أبي أوس، حدَّثني عمرو بن العاص، مِن فيه، قال: لما انصرفنا يوم الأحزاب عن الخندق، جمعت رجالًا من قريش كانوا يرون رأيي، ويسمعون مني، فقلت لهم: تعلمون والله أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علوًّا منكرًا، وإني قد رأيت أمرًا، فما ترون فيه؟ قالوا: وما رأيت؟ قال: رأيت أن نلحق بالنجاشيِّ فنكون عنده، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي، فإنّا أن نكون تحت يديه أحبُّ إلينا من أن نكون تحت يدي محمد، وإن ظهر قومنا فنحن مَن قد عرفوا، فلن يأتينا منهم إلا خير. قالوا: إنّ هذا لرأي. قلت: فاجمعوا لنا ما نُهدي له. وكان أحبَّ ما يهدى إليه من أرضنا الأَدَم (٧)، فجمعنا له أدمًا كثيرًا، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه، فوالله إنا لعنده، إذ جاءه عمرو بن أمية الضَّمريُّ، وكان رسول الله قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه. قال: فدخل عليه ثم خرج من عنده. قال: فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أُمية، لو قد دخلتُ على النجاشي فسألته إيَّاه فأعطانيه فضربت عنقه، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد. قال: فدخلت عليه، فسجدت له كما كنت أصنع. فقال: مرحبًا بصديقي، هل أهديت لي من بلادك


(١) وقال ابن حجر العسقلاني: "ومات بالشام في خلافة معاوية، سنة أربع وخمسين، ووهم من قال سنة ثمانين".
انظر "تحرير تقريب التهذيب" (٢/ ١٩٢).
(٢) انظر "تحرير تقريب التهذيب" (٢/ ١٩٢).
(٣) رواه أبو داود رقم (٣٧٢١)، والترمذي رقم (١٨٩١).
(٤) لفظ "وإسلامه" لم يرد في (ط).
(٥) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٢٧٦).
(٦) في (آ): "وحدثني يريد بن أبي حبيب، عن أبي حبيب، عن راشد … " وهو وهم من ناسخها، والله أعلم، وأثبت لفظ (ط) وهو موافق لما في "السيرة النبوية" لابن هشام التي بين يدي، طبع دار ابن كثير.
(٧) الأدم: الجلد.