للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: ثم انطوتْ هذه الحروبُ أيَّام صِفِّين، وقاتلَ عليٌّ الخوارجَ في أثناء ذلك، كما تقدَّم الحديث المتفق على صحته، في الأخبار بذلك، وفي صِفتهم وصفةِ الرجل المُخَدَّج (١) فيهم.

[حديث آخر]

قال الإمام أحمد (٢): حَدَّثَنَا إسحاق بن عيسى، حدَّثني يحيى بن سُلَيْم، عن عبد اللّه بن عثمان، عن مجاهد، عن إبراهيم بن الأشتر، عن أبيه، عن أُمِّ ذَرٍّ قالت: لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيتُ. فقال: ما يُبكيكِ؟ فقلتُ: وما لي لا أبكي وأنتَ تموتُ بفلاةٍ من الأرض ولا يَد لي بدفنِكَ، وليس عندي ثوبٌ يسعكَ فأُكفِّنكَ فيه. قال: فلا تبكي وأبشري، فإني سمعتُ رسولَ اللّه يقولُ لنَفَرٍ: "ليموتنَّ رجل منكم بفَلاةٍ من الأرض، يشهدُه عِصابةٌ من المؤمنين" وليس من أولئك النَّفَر أحدٌ إِلَّا وقد مات في قرية أو جماعة، وإنِّي أنا الذي أموتُ بالفَلاة، واللّه ما كذبَ ولا كذبتُ.

تفرَّد به أحمدُ ، وقد رواه البيهقيُّ من حديث عليِّ بن المَديني، عن يحيى بن سُليم الطَّائفي به مطوَّلًا (٣). والحديث مشهور في موته بالرَّبَذة سنة ثنتين وثلاثين، في خلافة عثمان بن عفان، وكان في النَّفَر الذين قدموا عليه وهو في السياق (٤) عبد اللّه بن مسعود، وهو الذي صلَّى عليه ثم قدم المدينة فأقام بها عشرَ ليال ومات .

[حديث آخر]

قال البيهقيُّ: أخبرنا الحاكم، أخبرنا الأصم، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصَّغَّاني، حَدَّثَنَا عمر بن سعيد الدمشقي، حَدَّثَنَا سعيد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عُبيد اللّه، عن أبي عبد اللّه الأشعري، عن أبي الدرداء، قال: قلتُ: يا رسولَ اللّه! بلغني أَنَّكَ تقول: "لَيَرْتَدَّنَّ أقوامٌ بعد إيمانهم". قال: "أجل، ولستَ منهم". قال: فتوفي أبو الدرداء قبلَ أن يُقتلَ عثمان (٥).

وقال يعقوبُ بن سفيان: حَدَّثَنَا صفوان، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم، حَدَّثَنَا عبد الله أو عبد الغفار بن إسماعيل بن عُبيد اللّه، عن أبيه أنه حدَّثه عن شيخ من السَّلف، قال: سمعتُ أبا الدرداء يقول: قال


(١) "المُخَدَّج": الناقص الخلقة، وتقدم الحديث.
(٢) في المسند (٥/ ١٥٥) ورواه ابن حبان رقم (٦٦٧٠) والبزار رقم (٢٧١٦) وهو حديث حسن.
(٣) رواه البيهقيّ في الدلائل (٦/ ٤٠١ - ٤٠٢) وهو حديث حسن.
(٤) أي: في الاحتضار.
(٥) رواه البيهقيّ في الدلائل (٦/ ٤٠٣) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/ ٣٦٧) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أبي عبد اللّه الأشعري وهو ثقة.