للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب هجرةِ رسولِ اللَّه بنفسه الكريمة مق مكةَ إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق

وذلك أولُ التاريخ الإسلامي كما اتفق عليه الصحابةُ في الدولة العُمَرية كما بيَّناه في سيرة عمر وعنهم أجمعين (١).

قال البخاري (٢): حدَّثنا مَطَرَ بنُ الفَضْل، حدثنا رَوْح، حدثنا هشام، حدثنا عكرمة عن ابن عباس، قال: بُعِثَ النبيُّ لأربعينَ سنةً، فمكث بمكَّة (٣) ثلاثَ عشرةَ [سنةً] يُوحى إليه، ثم أُمر بالهِجْرَة فهاجر عشرَ سنينَ، ومات وهو ابنُ ثلاثٍ وستينَ سنة.

وقد كانت هجرتُه في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من بعثته ، وذلك في يوم الاثنين كما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس (٤) أنه قال: ولد نبيُّكم يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ونُبِّئ يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين (٥).

قال محمد بن إسحاق (٦): وكان أبو بكر حين استأذنَ رسولَ اللَّه في الهجرة فقال له: لا تعجَلْ لعل اللَّه أن يجعلَ لك صاحبًا؛ قد طمع بأن يكون رسولُ اللَّه إنما يعني نفسَه، فابتاعَ راحلتَيْن فحبسهما في داره يعلفهما إعدادًا لذلك.

قال الواقدي (٧): اشتراهما بثمانمئة درهم.

قال ابن إسحاق (٨): فحدَّثني مَنْ لا أتَّهم عن عروة بن الزُّبير، عن عائشة أمِّ المؤمنين أنها قالت: كان لا يخطئُ رسولُ اللَّه أن يأتيَ بيتَ أبي بكر أحدَ طرفي النهار، إمَّا بُكْرَة، وإمَّا عشِيَّة، حتى إذا كان اليومُ الذي أَذِن اللَّه فيه لرسوله في الهجرة، والخروج من مكة من بين ظَهْرَيْ قومه، أتانا رسولُ اللَّه


(١) أفرد المؤلف لعمر مصنفًا سمَّاه سيرة عمر، أشار إليه في ص (٢٣٠)، وذكر اتفاق الصحابة في الدولة العمرية على التأريخ الهجري في ص (٤٧٨) من هذا الجزء.
(٢) في صحيحه، فتح (٣٩٠٢) مناقب الأنصار باب هجرة النبي وما بين معقوفين منه.
(٣) في ط: فيها بدل: بمكة، وهو تصحيف، والمثبت من ح والبخاري.
(٤) مسند الإمام أحمد (١/ ٢٧٧) رقم (٢٥٠٦).
(٥) لفظ ابن عباس في المسند هكذا: ولد النبي يوم الاثنين واستنبئ يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين، وخرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة يوم الإثنين، وقدم المدينة يوم الإثنين، ورفع الحجر الأسود يوم الإثنين. وتقدم ص (٣٠) وإسناده ضعيف بطوله، ولبعض فقراته شواهد، وقد تقدم الكلام عليه صفحة (٣٠).
(٦) في سيرة ابن هشام (١/ ٤٨٤) والروض (٢/ ٢٢٣).
(٧) قول الواقدي في طبقات ابن سعد (١/ ٢٢٨) وزاد: من نَعَم بني قُشير.
(٨) في سيرة ابن هشام (١/ ٤٨٤) والروض (٢/ ٢٢٣).