للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه إلا النساءَ حتى تطوفوا بالبيت، فإذا أمْسَيْتُم (١) ولم تُفيضوا صِرْتُم حُرمًا كما كنتُم أولَ مرةٍ حتى تطوفوا بالبيت. وهكذا رواه أبو داود (٢) عن أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، كلاهما عن ابن أبي عَدِيّ، عن ابن إسحاق. . . فذكره.

وأخرجه البيهقي (٣)، عن الحاكم، عن أبي بكر بن إسحاق (٤)، عن أبي المُثَنى العنبري، عن يحيى بن معين، وزاد في آخره: قال أبو عُبَيْدة: وحدّثتني أمُّ قَيْس بنتُ مِحْصَنٍ، قالت: خرج من عندي عُكّاشَةُ بن مِحْصنٍ في نَفَرٍ من بني أسد مُتَقَمَّصينَ عَشيَّةَ يوم النَّحْر، ثم رَجَعوا إلينا عَشيًّا، وقُمُصُهُمْ على أيديهم يحملونها، فسأَلَتْهُمْ فأخبروها بمثلِ ما قال رسول اللَّه لوهب بن زَمْعَة وصاحبه. وهذا الحديثُ غريب جدًا، لا أعلمُ أحدًا من العلماء قال به.

ذكر إفاضَتِهِ إلى البيتِ العَتيقِ

قال جابر: ثم ركبَ رسولُ اللَّه فأفاضَ إلى البيت، فصلَّى بمكةَ الظهرَ، فأَتَى بني عَبْدِ المُطَّلِب، وهم يَسْقون على زَمْزم، فقال: انْزِعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يَغْلِبكم الناسُ على سِقايتكم لنزعتُ معكم. فناولوه دَلْوًا فشرب منه. رواه مسلم. ففي هذا السِّياق ما يدُلُّ على أنه ركب إلى مكة قبلَ الزّوال، فطاف بالبيت ثم لمّا فرغَ صلَّى الظهرَ هناك.

وقال مسلم (٥) أيضًا: أخبرنا محمد بن رافع، أنبأنا عبد الرزاق، أنبأنا (عُبَيْد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أنّ رسول اللَّه أفاض يوم النحر، ثم رجع فصلّى الظهر) (٦) بمنى. وهذا خلافُ حَديث جابرٍ، وكلاهما عند مسلم. فإن عملنا (٧) بهما أمكن أن يقال: إنه صلَّى الظهرَ بمكةَ، ثم رجع إلى منًى، فوجد الناسَ يَنْتظِرونهُ، فصلَّى بهم، واللَّه أعلم. ورجوعه إلى منًى في وَقْتِ الظُّهْرِ ممكنٌ؛ لأنَّ ذلك الوقتَ كانَ صيْفًا، والنهار طويلٌ، وإن كان صَدَر منه أفعالٌ كثيرةٌ في صَدْر هذا النهار، فإنه دفع فيه من المُزْدَلفة بعد ما أسفر الفجر جدًا، ولكنَّه فبلَ طلوع الشَّمس، ثُمَّ قدمَ مِنًى فبدأ برمي جمرةِ العقبة بسبع حَصَيات، ثم جاء فنحرَ بيده ثلاثًا


(١) ط: (رميتم).
(٢) أبو داود (١٩٩٩)، وأحمد في مسنده (٦/ ٢٩٥) وهو حديث حسن.
(٣) السنن الكبرى للبيهقي (٥/ ١٣٧) (انظر التخريج السابق).
(٤) ط: (بن أبي إسحاق) وفيها زيادة. وانظر سير أعلام النبلاء (١٥/ ٤٨٣).
(٥) مسلم (١٣٠٨).
(٦) ليس ما بين القوسين في ط.
(٧) ط: (عللنا).