للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاتلوهم أشدَّ القتال حتى قُتلوا، فأفلت منهم رجل جريح في القتلى، فلمَّا أن برد عليه الليل تحامل حتى أتى رسول الله ، فهمَّ بالبعثة إليهم، فبلغه أنهم ساروا إلى موضع آخر.

* * *

غزوة مُؤْتَةَ (١)

وهي سَرِية زيد بن حارثة، في نحو من ثلاثة آلاف، إلى أرض البلقاء مِنْ أرض الشام.

قال [محمد] بن إسحاق (٢) بعد قصة عُمْرَة القضيَّة: فأقام رسول الله بالمدينة بقية ذي الحجَّة - وولي تلك الحجة المشركون - والمحرَّم وصفرًا وشهري ربيع، وبعث في جمادى الأولى بَعْثَه إلى الشام، الذين أصيبوا بمؤتة، فحدَّثني محمد بن جعفر بن الزُّبير، عن عُروة بن الزُّبير قال: بعث رسول الله بعثه إلى مُؤْتَةَ في جمادى الأولى من سنة ثمان، واستعمل عليهم زيد بن حارثة، وقال: "إن أُصيِبَ زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أُصيب جعفر فعبد الله بن رَوَاحَة على النّاس".

فتجهَّز الناس ثم تهيَّؤوا للخروج، وهم ثلاثة آلاف.

وقال الواقديُّ (٣): حدَّثني ربيعة بن عُثمان، عن عمر بن الحكم، عن أبيه قال: جاء النُّعمان بن فُنْحُصٍ اليهوديُّ، فوقف على رسول الله مع الناس، فقال رسول الله : "زيد بن حارثة أمير الناس، فإن قتل زيد فجعفر بن أبي طالب، فمان قتل جعفر فعبد الله بن رَوَاحَة، فإن قتل عبد الله بن رَوَاحَة فليرتض المسلمون بينهم رجلًا، فليجعلوه عليهم".

فقال النُّعمان: أبا القاسم، إن كنت نبيًّا، فلو سمَّيت من سمَّيت قليلًا أو كثيرًا، أُصيبوا [جميعًا]، إن الأنبياء من بني إسرائيل كانوا إذا سمَّوا الرجل على القوم، فقالوا: إن أُصيب فلان


(١) مؤتة: بالضم ثم واو مهموزة ساكنة، وتاء فوقها نقطتان، وبعضهم لا يهمزه: قرية من قرى البلقاء في حدود الشام. انظر "مراصد الاطلاع" (٣/ ١٣٣٠).
وانظر خبر هذه الغزوة في "كتاب المغازي" ص (٣٦٦ - ٣٧٨) و"عيون الأثر" (٢/ ٢٠٨ - ٢١٣) و"زاد المعاد" (٣/ ٣٣٦ - ٣٤٠) و"الفصول في سيرة الرسول" للمؤلف ص (١٩٣ - ١٩٥) و"شذرات الذهب" (١/ ١٢٦) لابن العماد الحنبلي بتحقيقي.
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٧٣) طبع دار ابن كثير.
(٣) انظر "المغازي" (٢/ ٧٥٥).